اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 457
قالوا:
فإن لم يجد؟ قال: (فليعمل بالمعروف، وليمسك عن الشّرّ فإنّها له صدقة) ([974])
وفي
حديث آخر قال a: (في الإنسان ستون وثلاثمائة مفصل، فعليه أن يتصدق عن كل مفصل منها صدقة)،
قالوا: ومن يطيق ذلك؟ قال: (النخاعة تراها في المسجد فتدفنها، والشيء تنحيه عن
الطريق فإن لم تقدر فركعتا الضحى تجزى عنك) ([975])
وغيرها
من الأحاديث التي تبين ما على المؤمن فعله كل يوم، ليزكي نفسه، ويرقيها، ويسير بها
نحو الكمال المتاح لها.
بالإضافة
إلى ذلك ما ورد من النصوص المقدسة التي تشبه عمل الخلق في الدنيا بالتجارة مع الله
تعالى، كما قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ
عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِالله
وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ الله بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ
ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الصف: 10، 11]
ومن
هذه الآية راح الصالحون يشبهون المرابطات المرتبطة بالتزكية بما يقوم به التجار،
كما عبر عن ذلك بعضهم، فقال: (اعلم أن مطلب المتعاملين في التجارات، المشتركين في البضائع
عند المحاسبة سلامة الربح، وكما أن التاجر يستعين بشريكه؛ فيسلم إليه المال حتى
يتجر ثم يحاسبه، فكذلك العقل هو التاجر في طريق الآخرة، وإنما مطلبه وربحه تزكية
النفس، لأن بذلك فلاحها.. وإنما فلاحها بالأعمال الصالحة. والعقل يستعين بالنفس في
هذه التجارة، إذ يستعملها ويستسخرها فيما يزكيها كما يستعين التاجر بشريكه وغلامه
الذي يتجر في ماله) ([976])
[974] البخاري- الفتح 3
(1445) واللفظ له، مسلم (1008)
[975] أحمد (5/354، رقم
23048)، وأبو داود (4/361، رقم 5242)، وابن خزيمة (2/229، رقم 1226)