اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 386
وروي
أن عائشة أرادت أن تتصدق بلحم منتن، فقال لها النبي a: (أتتصدقين بما لا تأكلين؟)([797])
وفي
رواية قالت: أهدي للنبي a ضب فلم يأكله، فقلت: ألا نطعمه المساكين؟ قال: (لا تطعموهم ما لا تأكلون)
([798])
وقد قال بعض
الحكماء مشيرا إلى بشاعة ذلك: (وإذا لم يكن المخرج من جيّد المال فهو من سوء الأدب
إذ يمسك الجيّد لنفسه أو أهله فيكون قد آثر على الله غيره ولو فعل هذا بضيفه وقدّم
إليه أردى طعام في بيته لأوغر به صدره، هذا إن كان نظره إلى الله وإن كان نظره إلى
نفسه وثوابه في الآخرة فليس بعاقل من يؤثر غيره على نفسه، وليس له من ماله إلّا ما
تصدّق فأبقى أو أكل فأفنى والّذي يأكله قضاء وطرفي الحال، فليس من العقل قصور
النظر على العاجلة وترك الادّخار، فلا تؤثروا به ربّكم) ([799])
واعلم
ـ أيها المريد الصادق ـ أن أطيب الصدقة هي الصدقة الحلال؛ فالله تعالى أكرم من أن
يقبل الحرام، وقد ورد في الحديث عن رسول الله a أنه قال: (إن الله طيب لا يقبل
إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى: ﴿يَا
أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ﴾ (المؤمنون:51)، وقال تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا
رَزَقْنَاكُمْ) (البقرة:172)، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى
السماء: يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى
يستجاب لذلك) ([800])
وقال:
(إنه لا دين لمن لا أمانة له ولا صلاة ولا زكاة، إنه من أصاب مالا من حرام