وهكذا
ذلك الذي راح ينتهك حرمة شهر رمضان؛ فيفطر فيه، كما نصت على ذلك الكثير من
الأحاديث المتفق عليها بين الأمة جميعا.
ففي
هذه القضايا جميعا شرط الله تعالى في الصيام أن يكون متتابعا، ولشهرين كاملين، لأن
في ذلك تأثيره على النفس بالتخفيف من تسلطها وقهرها لصاحبها.
وسر
ذلك يعود إلى أن الشهوات التي يمنع منها الصيام هي المغذي الذي يغذي الأهواء،
ويجعل للنفس سلطانا على صاحبها؛ فإذا ما قهرها، وحرمها من تلك الشهوات مدة من
الزمن، كان لذلك تأثيره الكبير في الإصلاح؛ خاصة إذا ما ضم إليه ما سبق أن ذكرته
لك من معان تدعو إلى الاتصال بالله كالذكر والدعاء والصلاة وقراءة القرآن الكريم
وغيرها.
ولهذا
ورد في الأحاديث الكثيرة عن رسول الله a وأئمة الهدى ما يدل على دور
الصيام في وقاية النفس من أهوائها، وإبعاد الشيطان عنها، ومنها قوله a: (كل عمل ابن آدم يضاعف
الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي
به، يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان فرحةٌ عند فطوره، وفرحةٌ عند لقاء
ربه، ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك) ([698])
وقد
قال بعض الحكماء في تفسير سر نسبة الصوم لله: (إنّما كان الصوم لله ومشرّفا
بالنسبة إليه، وإن كانت العبادات كلّها له كما شرّف البيت بالنسبة إليه والأرض
كلّها له لمعنيين: أحدهما أنّ الصوم كفّ وترك وهو في نفسه سرّ ليس فيه عمل يشاهد؛
فجميع