اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 336
وخامسها
الرّجاء، (فكم من معظّم ملكا من الملوك يهابه أو يخاف سطوته ولكن لا يرجو مبرّته،
والعبد ينبغي أن يكون راجيا بصلاته ثواب الله كما أنّه خائف بتقصيره عقاب الله عزّ
وجلّ)
أما
أسباب هذه المعاني الدافعة لها، والمعينة عليها، فتبدأ بالهمة العالية، ذلك أن
القلب تابع للهمة؛ فلا يحضر إلا فيما يهمه، ويعنيه، وينفر من كل ما لم يكن كذلك،
ولذلك ترى ـ أيها المريد الصادق ـ أن القلب إذا لم يحضر في الصلاة لم يكن متعطلا،
بل إن همته تجول في أمور الدنيا التي يعتبرها أهم عنده من الصلاة.
ولذلك
يحتاج من يريد تحصيل الخشوع إلى صرف الهمة إلى الصلاة، وهي (لا تنصرف إليها ما لم
يتبين أن الغرض المطلوب منوط بها، وذلك هو الإيمان والتصديق بأن الآخرة خير وأبقى
وأن الصلاة وسيلة إليها) ([673])
ومن
تلك الأسباب التفهم؛ وهو يستدعي حضور الذهن وصرفه إلى إدراك المعنى، ولا يتحقق ذلك
إلا بالإقبال على الفكر والتشمر لدفع الخواطر، ودفعها وقطع موادها.
فالخواطر
ـ أيها المريد الصادق ـ هي السم الزعاف الذي يقضي على الخشوع، ويمنع منه، بل يجعل
المصلي غافلا لا علاقة له بالصلاة، ولا علاقة لها به، ولذلك سببان اتفق عليهما
الحكماء.
أما
أولهما؛ فهو سبب خارجي؛ فكل (ما يقرع السمع أو يظهر للبصر، قد يختطف الهم حتى
يتبعه وينصرف فيه، ثم تنجر منه الفكرة إلى غيره، ويتسلسل ويكون الإبصار سببا
للافتكار.. ومن قويت نيته وعلت همته لم يلهه ما جرى على حواسه، ولكن الضعيف لا بد