اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 334
تنزل
فيها النفس، بعضها يكون مجاهدة، وبعضها يكون مواهب إلهية، لا تستدعي سوى توفير
القابلية.
وسر
ذلك هو أن الصلاة الخاشعة الكاملة ليست من مراتب النفس اللوامة، وإنما هي من مراتب
النفس المطمئنة، بل هي هبة من هبات الله تعالى لها، ذلك أن الله تعالى بكرمه ولطفه
وشكره لعباده الصالحين يمن عليهم بتحقيق التواصل بينه وبينهم في الصلاة.
أما
أصحاب النفوس اللوامة؛ فهم يجاهدون أنفسهم لتحقيق الخشوع، والخروج بصلاتهم من صلاة
الأجساد إلى صلاة الأرواح، ومن الطقوس الشكلية إلى الحقائق المعنوية.
وقد
ورد في بعض الآثار: (إنّ الرجلين ليقومان إلى الصلاة وركوعهما وسجودهما واحد، وإنّ
ما بين صلاتيهما ما بين السماء والأرض)
وقد
قال بعض الحكماء يشير إلى هذا: (للصلاة مقامات ومراتب بحيث تكون صلاة المصلي في
المرتبة التي هو فيها تختلف عن صلاته في المرتبة الأخرى اختلافاً كبيراً، كما أن
مقامه يختلف مع سائر المقامات اختلافاً كثيراً؛ فما دام الإنسان في صورة الإنسان
وهو إنسان صوري فصلاته أيضاً صورية، وصورة الصلاة وفائدتها إنما هي بالنسبة إلى
صحتها الفقهية وكونها مجزيةً بالأجزاء الصورية الفقهية هذا إذا قام بجميع أجزائها
وشرائط صحتها وعلى الرغم من أنها فاقدة لشرائط القبول وغير مرضية من الله تعالى؛
فإذا تجاوز المصلي من المرتبة الظاهرية إلى المرتبة الباطنية، وعن الصورة إلى
المعنى فتكون صلاته صلاة حقيقية بمقدار ما هو متحقق فيها من معنى الصلاة وباطنها
وسرّها) ([671])
وللوصول
إلى تلك المراتب السنية التي وصل إليها أولياء الله والصالحون من عباده،