اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 33
لتتجرد للحق، ويخلص عملها من كل الشوائب
التي تكدره.
وبناء
على طلبك ـ أيها المريد الصادق ـ في شرح كيفية التحقق بالنية الصالحة أذكر لك البواعث
التي يمكنك بالتأمل فيها ـ قبل القيام بأي عمل ـ أن تجرد نيتك من كل ما يفسدها،
لتتعلم الإخلاص والصدق من خلالها.
وقبل
أن أذكر لك ذلك، أضرب لك مثالا يقرب لك الحقيقة، فالأمثال جند الله التي تُوضح بها
الحقائق، وتقرب بها المعاني.
وينطلق
هذا المثال من حقيقة الدنيا، وكونها سوقا للأعمال، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ
الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ الله وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا
رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29)
لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ﴾
[فاطر: 29، 30]
ولذلك
توهم نفسك ـ أيها المريد الصادق ـ في سوق عظمية قد اجتمع فيها المخلصون والمراؤون:
أما
المخلصون؛ فلا يبيعون أعمالهم إلا لمن يدفع لهم أضعاف الأجور التي يستحقونها، ثم
لا يكتفون بذلك، بل يضيفون إليها كل ألوان التكريم والثناء والشكر.. في نفس الوقت
الذي يكون فيه أولئك التجار الذي اشتروا منهم بضاعتهم ممتلئين بكل أنواع الكرم
والسماحة واللطف، ويعدونهم بكل ألوان الإكرام في حال زيارتهم لهم.
أما
المراؤون؛ فيبيعون أعمالهم للعوام والدهماء البسطاء الذين لا يغنون عنهم شيئا، في
نفس الوقت الذي يكتفون فيه من أجورهم بنظرة استحسان يلقونها، ثم ينصرفون عنهم،
وكأنهم لم يقدموا لهم شيئا.
فهذا
المثال ـ أيها المريد الصادق ـ يقرب لك حال المخلصين والمرائين في سوق التجارة
الذي أقامه الله لعباده؛ وهي لا تمثل الحقيقة، ولا ما هو أدنى منها، ذلك أن الأجور
التي
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 33