وهو
يدل على منتهى الخضوع، لذلك كان أول شيء فعله السحرة بعد إيمانهم السجود، كما قال
تعالى: ﴿فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ
وَمُوسَى﴾ [طه: 70]
ولذلك
أخبر عن إعراض المستكبرين عن السجود بسبب ما فيه من تواضع وذلة، قال تعالى: ﴿وَإِذَا
قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا
تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا﴾ [الفرقان: 60]
وقد
ورد في الحديث ما يدل على ارتباط السجود بالقرب من الله تعالى، كما يشير إلى ذلك
قوله تعالى: ﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ﴾ [العلق: 19]، قال a: (أقرب
ما يكون العبد من ربه في سجوده) ([625])
ومن
الحكم الواردة عن أئمة الهدى في بيان سره ما ذكره الإمام علي لمن سأله عنه وعن سر
السجدتين في الصلاة: (السّجدة الأولى.. تأويلها اللهم إنّك منها خلقتني ـ يعني من
الأرض ـ ورفعُ رأسك: (ومنها أخرجتنا)، والسّجدة الثانية: (وإليها تعيدنا)، ورفعُ
رأسك من الثانية: (ومنها تخرجنا تارة أخرى)([626])
وقال
الإمام الصادق: (ما خسر والله مَن أتى بحقيقة السّجود، ولو كان في العمر مرّة
واحدة، وما أفلح مَن خلا بربّه في مثل ذلك الحال شبيهاً بمخادع لنفسه، غافل لاه
عمّا أعدّ الله للسّاجدين من أُنس العاجل، وراحة الآجل.. ولا بَعُد أبداً عن الله
مَن أحسن تقرّبه