اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 308
أشار الرجل بإصبعيه في الدعاء عند
الشهادة فلا يشير إلا بإصبع
واحدة([599]).
وهكذا
يمكنك ـ أيها المريد الصادق ـ أن تبحث في جميع الحركات التي ورد الشرع بها في
الشعائر التعبدية، وسترى أن لها من الأسرار ما يجعلها تؤثر في الباطن، وتصلحه، وإن
كنا لا نعلم كل ما يرتبط بها من مقاصد وأسرار؛ فلذلك كان التسليم لله سيد المقاصد
وسرها الأعظم.
الركوع والتزكية:
إذا عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاعلم أن الركوع من الشعائر التعبدية
التي أمر الله تعالى بها في الأديان جميعا، كما قال تعالى في خطابه لبني إسرائيل: ﴿وَأَقِيمُوا
الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [البقرة:
43]
وقال
مخاطبا مريم عليها السلام: ﴿يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي
وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [آل عمران: 43]
وذكر
ركوع داود عليه السلام عند إدراكه للفتنة التي فتن بها، فقال: ﴿وَظَنَّ
دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ﴾
[ص: 24]
وذكر
أهل جهنم، وأن من أسباب دخولهم إليها عدم ركوعهم، قال تعالى: ﴿وَإِذَا
قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ (48) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾
[المرسلات: 48، 49]
وذلك
ما يدل على أن للحركة المرتبطة به، والتي قد تختلف باختلاف الشرائع ما يثير في
الباطن معاني خاصة، لا تتم له من دون تلك الحركة.
وقد
أشار إلى بعضها ما ورد في سبب نزول قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَادُوا
لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا
غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا﴾ [الإسراء: 73]، فقد روي أنها