responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 29

نفسه، وهو صادق في قوله: (لو كان هذا الرّمل طعاما لقسّمته بين الناس)، فأوحى الله تعالى إلى نبيّهم أن قل له: (إنّ الله قد قبل صدقتك وشكر حسن نيّتك وأعطاك ثواب ما لو كان طعاما فتصدّقت به)

فهذا الرجل، وأولئك النفر الذين ذكر رسول الله a نالوا أجورهم وطهروا نفوسهم من غير أعمال عملوها، إلا النية الصالحة الصادقة، التي نظر الله إليها، وأعطاهم جزاءها.

وسر ذلك يعود إلى أن النية هي روح العمل، والمقصد الأول منه، كما قال الله تعالى في الأضاحي والهدي: ﴿لَنْ يَنَالَ الله لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ﴾ [الحج: 37]

ولذلك كان سبب نجاح إبراهيم عليه السلام في الامتحان الذي امتحن فيه نيته الصادقة الخالصة لله، ولذلك بمجرد أن نجح في ذلك الاختبار الصعب، نهي عن تطبيقه عمليا؛ قال تعالى: ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: 103 - 107]

ولهذا ورد في النصوص المقدسة ما يدل على خسران أولئك الذين راعوا الأعمال وكثرتها، ولم يراعوا النيات وصدقها، فقد ورد في الحديث عن رسول الله a أنه قال: (إنّ العبد ليعمل أعمالا حسنة فتصعد بها الملائكة في صحف مختتمة فتلقى بين يدي الله عزّ وجلّ فيقول: ألقوا هذه الصحيفة فإنّه لم يرد بما فيها وجهي، ثمّ ينادي الملائكة اكتبوا له كذا وكذا فتقولون يا ربّنا إنّه لم يعمل شيئا من ذلك، فيقول: إنّه نواه إنّه نواه)([15])

وهكذا في الجهاد، والذي يمثل أشق الأعمال، وأكثرها بذلا وتضحية، ومع ذلك،


[15] رواه الدارقطني.

اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 29
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست