اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 280
عرف العبرة ومن عرف العبرة عرف
السنة، ومن عرف السنة فكأنما كان مع الاولين واهتدى إلى التي هي أقوم، ونظر إلى من
نجا بما نجا، ومن هلك بما هلك، وإنما أهلك الله من هلك بمعصيته، وأنجا من أنجا
بطاعته) ([556])
بل أشار إلى ذلك رسول الله a حين أخبر عن تتبع هذه الأمة لسنن
من قبلها، وذلك يعني أن ما ورد في القرآن الكريم ليس القصد منه التأريخ، وإنما
الدعوة لأخذ العبرة، والحذر من الوقوع فيما وقعوا فيه، قال a: (لتتبعن سنن من كان قبلكم، حذو
القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه)، قالوا: يا رسول الله، اليهود
والنصارى؟ قال: (فمن؟)([557])، وقال: (لتأخذن أمتي مأخذ
القرون قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع)، قالوا: فارس والروم؟ قال: (فمن الناس إلا
أولئك؟)([558])
وهكذا؛ فإن القارئ للقرآن الكريم لا يقرؤه كأجنبي عنه، وإنما يقرؤه باعتباره
رسائل الله إليه، وأنها تنزلت من أجله، وكل ما فيه خطاب له، كما عبر عن ذلك بعضهم
فقال: (من بلغه
القرآن فكأنّما كلّمه الله تعالى، وإذا قدّر ذلك لم يتّخذ دراسة القرآن عمله بل
قرأه كما يقرء العبد كتاب مولاه الّذي كتب إليه ليتأمّله ويعمل بمقتضاه)
وقال
آخر: (هذا القرآن رسائل أتتنا من قبل ربّنا بعهوده نتدبّرها في الصلوات ونقف عليها
في الخلوات وننفذها في الطاعات بالسّنن المتّبعات)
وقال آخر: (إن القرآن كلام الله يكلم به عباده، وهم لا يشعرون، وكتاب بعث
إليهم بالخصوص وهم لا يدرون، لاهية قلوبهم كأنهم يظنون أنه وجد اتفاقا، فصاروا
يأخذون