اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 276
لأوقرت سبعين بعيرا من تفسير فاتحة
الكتاب)
ولن
تصل إلى تلك المرتبة ـ أيها المريد الصادق ـ حتى تتخلص من كل الحجب التي تحول بينك
وبين فهمه، وأولها الحجاب الذي أشار إليه قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ
يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ
أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ الله عَلَى
قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ﴾ [محمد: 16]، وهو حجاب الكبرياء
والغرور والهوى..
فإذا
تخلصت منه، وجلست بين يدي القرآن الكريم كالتلميذ بين يدي الأستاذ علمك الله، ولو
من غير معلم، وقد قال بعض الصالحين يشير إلى ذلك: (لا يكون المريد مريدا حتّى يجد
في القرآن كلّ ما يريد، ويعرف منه النقصان من المزيد، ويستغني بالمولى عن العبيد)
وقد
ورد في الحديث عن رسول الله a أنه قال: (لو لا أنّ الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى
الملكوت)
وقد
قال بعضهم معبرا عن هذا المعنى ومفسرا لسره عند تفسير قوله تعالى: ﴿نَحْنُ
أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا
تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ﴾ [فصلت: 31]: (معنى
كونهم أولياء للمؤمنين أن للملائكة تأثيرات في الأرواح البشرية، بالإلهامات
والمكاشفات اليقينية، والمقامات الحقيقية، كما أن للشياطين تأثيرات في الأرواح
بإلقاء الوساوس فيها وتخييل الأباطيل إليها.. وبالجملة فكون الملائكة أولياء
للأرواح الطيبة الطاهرة حاصل من جهات كثيرة معلومة لأرباب المكاشفات والمشاهدات،
فهم يقولون: كما أن تلك الولاية كانت حاصلة في الدنيا فهي تكون باقية في الآخرة
فإن تلك العلائق ذاتية لازمة غير قابلة للزوال، بل كأنها تصير بعد الموت أقوى
وأبقى، وذلك لأن جوهر النفس من جنس الملائكة، وهي كالشعلة بالنسبة إلى الشمس،
والقطرة بالنسبة إلى
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 276