اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 188
الخائفين،
ويا مجيب المضطرين، ويا ذخر المعدمين، ويا كنز البائسين، ويا غياث المستغيثين، ويا
قاضي حوائج الفقراء والمساكين، ويا أكرم الاكرمين، ويا ارحم الراحمين، لك تخضعي
وسؤالي، وإليك تضرعي وابتهالي. أسألك أن تنيلني من روح رضوانك وتديم علي نعم
امتنانك، وها أنا بباب كرمك واقف، ولنفحات برك متعرض وبحبلك الشديد معتصم، وبعروتك
الوثقى متمسك، إلهى ارحم عبدك الذليل ذا اللسان الكليل، والعمل القليل، وامنن عليه
بطولك الجزيل، واكنفه تحت ظلك الظليل، يا كريم يا جميل يا ارحم الراحمين)([333])
وهكذا
تجد الأدعية الكثيرة في مدرسة النبوة والولاية، والتي يكفيك التأمل فيها، والتزامها،
والشعور بمعانيها، في أن تستشعر فقرك وحاجتك إلى الله، حتى يصير ذلك ملكة في نفسك،
لا يمكن لأي غنى يصيبك أن يسلبها منك.
الاضطرار والتزكية:
إذا
عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاعلم أن الاضطرار هو تلك الحالات الشديدة التي
يمر بها الإنسان، والتي قد يبتليه الله بها ليعلم فقره وحاجته، ويخرجه من الغفلة
التي تجعله يتوهم أنه مالك للنعم، وليس مستفيدا منها.
ولذلك،
لا تتوهم أن الغرض مما ينزل من البلاء على الخلق ـ حتى لو كانوا كفارا ـ عقوبة أو
انتقاما، وإنما هو في حقيقته تأديب وتربية وتنبيه إلهي، كما قال تعالى: ﴿وَمَا
أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ
وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ﴾ [الأعراف: 94]
ولهذا
اعتبر الله تعالى إجابته المضطرين من دلائل توحيده، فقال:﴿أَمَّنْ يُجِيبُ
الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ
الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ الله قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ [النمل: