اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 179
باذني، فلم يعرض العبد بأمله عني، وقد
أعطيته ما لم يسألني، فلم يسألني وسأل غيري، أفتراني ابتدئ خلقي من غير مسألة، ثم أسأل
فلا أجيب سائلي؟ أبخيل أنا فيبخلني عبدي أو ليس الدنيا والآخرة لي؟ أو ليس الكرم
والجود صفتي؟ أو ليس الفضل والرحمة بيدي؟ أو ليس الآمال لا ينتهي إلا إلي؟ فمن
يقطعها دوني؟ وما عسى أن يؤمل المؤملون من سواي.. وعزتي وجلالي لو جمعت آمال أهل
الارض والسماء ثم أعطيت كل واحد منهم، ما نقص من ملكي بعض عضو الذرة، وكيف ينقص
نائل أنا افضته، يا بوسا للقانطين من رحمتي، يا بؤسا لمن عصاني وتوثب على محامي،
ولم يراقبني واجترأ علي)
ثم
قال: يا نوف ادع بهذا الدعاء: (إلهي إن حمدتك فبمواهبك، وإن مجدتك فبمرادك، وإن
قدستك فبقوتك وإن هللتك فبقدرتك، وإن نظرت فإلى رحمتك، وإن عضضت فعلى نعمتك.. إلهي
ما أوحش طريقا لا يكون رفيقي فيه أملي فيك، وأبعد سفرا لا يكون رجائي منه دليلي
منك، خاب من اعتصم بحبل غيرك، وضعف ركن من استند إلى غير ركنك، فيا معلم مؤمليه الأمل
فيذهب عنهم كآبة الوجل، ولا ترمني صالح العمل، واكلاني كلاءة من فارقته الحيل،
فكيف يلحق مؤمليك ذل الفقر وأنت الغني عن مضار المذنبين، إلهي وإن كل حلاوة
منقطعة، وحلاوة الايمان تزداد حلاوتها اتصالا بك، إلهي وإن قلبي قد بسط أمله فيك،
فأذقه من حلاوة بسطك إياه البلوغ لما أمل، إنك على كل شئ قدير.. إلهي أسئلك مسألة
من يعرفك كنه معرفتك من كل خير ينبغي للمؤمن أن يسلكه، وأعوذ بك من كل شر وفتنة
أعذت بها أحباءك من خلقك، إنك على كل شئ قدير..) ([324])
إلى
آخر الدعاء الطويل، الممتلئ بكل المعاني التي تعلمك ـ أيها المريد الصادق ـ كيفية
التضرع والتذلل والاستغاثة بالله، ومثله ما روي عن الإمام السجاد، فقد حدث طاووس