اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 171
وإزاره، ثمّ قال: (اللهمّ أين ما وعدتني،
اللهمّ أنجز ما وعدتني، اللهمّ إنّك إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلا تعبد
في الأرض أبدا)، فما زال يستغيث ربّه عزّ وجلّ ويدعوه حتّى سقط رداؤه؛ فأتاه أبو
بكر فأخذ رداءه فردّه، ثمّ التزمه من ورائه، ثمّ قال: يا نبيّ الله، كفاك مناشدتك
ربّك، فإنّه سينجز لك ما وعدك) ([306])
وقد
أشار القرآن الكريم إلى ذلك التضرع والاستغاثة التي حصلت يوم بدر من رسول الله a ومن معه
من الصحابة، وذكر أنها سبب إغاثتهم من الله تعالى، فقال: ﴿إِذْ
تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ
الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ [الأنفال: 9]
وهكذا
عند تأملك ـ أيها المريد الصادق ـ لما ورد من الأدعية عن رسول الله a وأئمة
الهدى؛ فإنك تجدها مملوءة بكل صيغ التضرع والتذلل والمسكنة، ومن الأمثلة عليها تلك
الشكوى التي شكا بها رسول الله a قومه إلى ربه عندما قال: (اللهم إني
أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، أنت أرحم الراحمين، أنت رب
المستضعفين، وأنت ربي إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني، أو إلى عدو ملكته أمري؟ إن
لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت
له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بي غضبك، أو يحل علي سخطك،
لكن لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك) ([307])
ومما
ورد عن أئمة الهدى من ذلك قول الإمام الحسين في الدعاء المشهور الذي يستجير فيه
بالله تعالى من شرور أعدائه: (اللهمّ يا عدّتي عند شدّتي، ويا غوثي عند كربتي،
احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني بركنك الذي لا يرام، وارحمني بقدرتك عليّ، فلا