اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 166
التضرع و الاستغاثه
كتبت
إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عن التضرع والاستغاثة وعلاقتهما بالدعاء، وهل هما نفسه أم
غيره، وعن آثارهما في التزكية والترقية، وعن سر ما ورد حولهما في النصوص المقدسة.
وجوابا
على سؤالك الوجيه أذكر لك أن التضرع إلى الله والاستغاثة به، وإن كانا يتفقان مع
الدعاء في كون كليهما مرتبطا بطلب الحاجات من الله إلا أن الفرق بينهما هو في كون
الدعاء قد يكون بتضرع واستكانة وقد لا يكون كذلك.. فقد يكون الداعي غافلا لاهيا
غير مضطر لحاجته، ولا ملحا في تحصيلها، ولذلك قد يكرر أنواع الأدعية التي يحفظها،
أو يسمعها من غير أن يكون جادا ولا صادقا في طلبها.
أما
التضرع؛ فهو تلك المسكنة التي يظهرها الداعي إلى الله، إما بسبب معرفته لله، أو
بسبب حاجته الشديدة لما يطلبه، ولذلك يظهر كل أنواع المسكنة والمذلة لتحقيقها..
ولذلك
يرتبط التضرع في القرآن الكريم بأنواع البلاء التي يصبها الله تعالى على عباده،
لإخراجهم من كبرهم وغرورهم، ليستشعروا حاجتهم إلى الله، وفقرهم إليه، كما قال
تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ
بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ﴾ [الأنعام: 42]
لكن
فريقا من هؤلاء ـ كما يذكر القرآن الكريم ـ ولقسوة قلوبهم، بل موتها، يؤثرون
المعاناة والألم على التضرع إلى الله، كما قال تعالى: ﴿فَلَوْلَا إِذْ
جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ
الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام: 43]
وقال
ـ جامعا بين الاستكانة والتذلل والتضرع ـ: ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ
بِالْعَذَابِ فَمَا
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 166