اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 16
الكريمتين..
ووجدت مقابل ذلك أن كل البدع والانحرافات التي انحرفت بسير السائرين كان سببها
اختلافها مع ما ورد في الآيتين الكريمتين من منهج الاستعانة على النفس.
ولذلك
يمكن اعتبار جميع المناهج الشرعية للسير إلى الله مظاهر وتجليات للصلاة والصبر..
وكل منهج خالفهما، يكون منهجا مبتدعا، لأنه خالف الأصول التي أمر الله تعالى
بالاستعانة بها.
وبذلك
ـ أيضا ـ يمكن اعتبار الصلاة والصبر المدرستين أو الجامعتين اللتين تدرب المنتمين
إليها على كل مقررات السير والسلوك..
وذلك
لا يعني حرفية الصبر والصلاة في الآيتين الكريمتين، بحيث تختصر مناهج السير فيهما؛
فهذا لا يتوافق مع القرآن الكريم نفسه، ذلك أن الله تعالى اعتبر كثيرا من الأعمال
الشرعية من مناهج السير إلى الله، كما قال في جميع الشعائر التعبدية: ﴿يَا أَيُّهَا
النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 21]
وغيرها
من الآيات الكريمة، ومثلها من الأحاديث والروايات التي تدل على أن كل أعمال الخير
ليست سوى وسائل للتربية والتهذيب والتزكية والترقية.
ولذلك
فإن المراد بالاستعانة بالصبر والصلاة أشمل من أن تختصر في المعنى الحرفي لهما، بل
هما يدلان على الأصول المرتبطة بمناهج السير إلى الله، وهما أصلان:
الأول:
المجاهدات والرياضات التي تحتاج إلى الصبر، حتى تُهذب النفس، وتبتعد عن رعونتها،
وتتحلى بالقيم التي تجعلها أهلا للقرب الإلهي.. ولذلك قدم الله تعالى الصبر على
الصلاة.. لأن الصلاة الحقيقية لا تكون إلا بعد تهذيب النفس وتربيتها..
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 16