اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 147
ولو
أن أولئك الذين أنكروا ترديد هذا الاسم وذكره، اطلعوا على ما ورد في السنة الشريفة
من إقرار رسول الله a لما قام به أصحابه من أنواع الذكر من دون حاجة لسماعها منه،
لعرفوا أن الشريعة لم تقيد هذا الباب بأي قيد، سوى قيد موافقة الذكر لحقائق الدين
وقيمه.
ومن الأمثلة
على ذلك ما روي أن النبي a بعث رجلا على
سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاته فيختم بـ ﴿قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ﴾
[الإخلاص: 1]، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي a، فقال: سلوه
لأي شيء يصنع ذلك ؟. فسألوه،
فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال النبي a: (أخبروه أن الله يحبه)([250])
ومثله ما روي أن رجلا من الأنصار
كان يؤم الناس في مسجد قباء وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما تقرأ
به افتتح بـ ﴿قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ﴾
[الإخلاص: 1] حتى يفرغ منها ثم يقرأ سورة أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعة
فكلمه أصحابه، فقالوا: إنك تفتتح بهذه السورة ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ
بأخرى، فقال: ما أنا بتاركها، إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت وإن كرهتم تركتكم،
وكانوا يرون أنه من أفضلهم وكرهوا أن يؤمهم غيره، فلما أتاهم النبي a أخبروه الخبر فقال: يا فلان ما يمنعك أن تفعل ما
يأمرك به أصحابك وما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة فقال: إني أحبها، فقال:
(حبُّك إياها أدخلك الجنة)([251])
وهذا الحديث ظاهر في أن هذين
الرجلين كانا يقرآن في الصلاة بـ ﴿قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ﴾
[الإخلاص: 1]اجتهاداً منهما، لأنه صفة الرحمن جل وعلا، فكان جزاؤهما أن يحبهما
الله
[250] صحيح البخاري ـ حسب ترقيم فتح
الباري (9/ 141)