اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 118
وإياك
أن تكتفي بها، وترغب عما تركه أئمة الهدى من تمجيد وحمد لله، فكما أمرنا رسول الله
a أن نستن بسنته، أمرنا أن نستن بسنة أئمة الهدى من بعده، فقال: (عليكم
بسنتي وسنه الخلفاء المهديين الراشدين([202]) تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ) ([203])
ومن
تلك التمجيدات الشريفة ما روي عن الإمام السجاد أنه كان يقول: (الحمد لله الأول
بلا أول كان قبله، والآخر بلا آخر يكون بعده الذي قصرت عن رؤيته أبصار الناظرين،
وعجزت عن نعته أوهام الواصفين. ابتدع بقدرته الخلق ابتداعا، واخترعهم على مشيته
اختراعا. ثم سلك بهم طريق إرادته، وبعثهم في سبيل محبته، لا يملكون تأخيرا عما
قدمهم إليه، ولا يستطيعون تقدما إلى ما أخرهم عنه. وجعل لكل روح منهم قوتا معلوما
مقسوما من رزقه، لا ينقص من زاده ناقصٌ، ولا يزيد من نقص منهم زائدٌ. ثم ضرب له في
الحياة أجلا موقوتا، ونصب له أمدا محدودا، يتخطى إليه بأيام عمره، ويرهقه بأعوام
دهره، حتى إذا بلغ أقصى أثره، واستوعب حساب عمره، قبضه إلى ما ندبه إليه من موفور
ثوابه، أو محذور عقابه، ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى.
عدلا منه، تقدست أسماؤه، وتظاهرت آلاؤه، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون)
ويقول:
(الحمد لله الذي لو حبس عن عباده معرفة حمده على ما أبلاهم من مننه المتتابعة،
وأسبغ عليهم من نعمه المتظاهرة، لتصرفوا في مننه فلم يحمدوه، وتوسعوا في رزقه فلم
يشكروه. ولو كانوا كذلك لخرجوا من حدود الإنسانية إلى حد البهيمية فكانوا كما وصف
في محكم كتابه: ﴿إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ
سَبِيلًا﴾ [الفرقان: 44])
[202] بالمفهوم النبوي الذي تدل عليه وعلى
مصاديقه الكثير من الأحاديث النبوية، لا بالمفهوم التاريخي..
[203] رواه أحمد وأبو
داود والترمذي والحاكم وابن ماجة.
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 118