اسم الکتاب : سورية والحرب الكونية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 62
بعيد المدى.. ولهذا وقع التخوين بينها، وتحولت في
فترة قصيرة إلى فوضى حقيقية، لا يستطيع أحد لم شملها.
والأخطر من ذلك
كله هو اعتماد هذه الثورات الوهمية على القوى الخارجية، وهو ما يمكن أن نطلق عليه
[خيانة عظمى]، فالوطني الحقيقي يرضى بالمستبد في بلده، ومن أهل بلده، ولا يرضى
بالمستعمر الغاشم الظالم.. ولذلك كان المستفيد الأكبر من تلك الثورات قوى الشر
العالمي التي راحت تجني الكثير من الأرباح من الأطراف جميعا.
ولو أن
الإسلاميين الذين كان لهم النصيب الأوفر في رعاية تلك الثورات، وتحريكها،
والاستفادة منها، قرأوا قصة موسى عليه السلام، وكيف خرج قومه بواسطته من نير
الاستبداد والاستعباد، لعرفوا كيف تدار الثورات، وكيف تنجح، ولم يستعجلوا في ركوب
الموجات التي لا قرار لها.
فأول شروط
الثورة، وهو القيادة الروحية، تمثلت في موسى عليه السلام، الذي هيئ تهيئة خاصة
ليكون الزعيم الملهم الذي ينقذ قومه.. وثانيهما.. المرجعية الفكرية، والمشروع
البديل، والذي كان يحمله موسى عليه السلام، وهو مشروع إلهي مقدس..
وثالثها وهو مهم
جدا، هو تلك الحركة الهادئة التي تمثلت في ذلك الحوار اللين الذي جرى بين موسى
عليه السلام وفرعون، وهو ما افتقرت إليه الثورات التي كان ترفض كل أنواع الحوار،
وتعتمد القسوة والشدة لا اللين واللطف.
ورابعها هو
الحجة القوية، والبرهان القوي الذي تمثل في عصا موسى عليه السلام.. وكان في إمكان
الإسلاميين أن يحصلوا على مثل تلك العصا لو أنهم تمسكوا بالدين الحقيقي، وكانوا
نماذج صالحة له.. حتى تنهار جميع العصي بين أيدهم.
وخامسها هو وجود
الاستبداد الحقيقي المتمثل في فرعون، والكثير من الثورات، وخاصة ما يطلق عليها
[الثورة السورية]، لم يكن فيها أي فرعون، بل كان الفرعون فيها هم
اسم الکتاب : سورية والحرب الكونية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 62