اسم الکتاب : سورية والحرب الكونية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 61
الاعتبارات، وليس لها من اسم الثورة شيء، بل هي
والثورة خطان متوازيان لا يلتقيان أبدا.
فأول شروط
الثورة وجود قيادة روحية موحدة ذات مقبولية شعبية واسعة، بحيث يمكنها أن تملأ
الفراغ الذي يحتاجه النظام الجديد.. لأنه لا نظام من دون زعيم له حظ كبيرة من
المقبولية.. وهذا أخطر شرط افتقدته هذه الثورات العربية، أو الفوضى العربية، فقد
ركبها الجميع، وكان الكل يتصور أنه صاحبها.. ولهذا بمجرد أن لاحت لهم بعض المكاسب
راحوا يتصارعون فيما بينهم، من أجل الكعكعة التي لم يحصلوا عليها.
وثاني شروط
الثورة وجود مرجعية فكرية واضحة، ومشروع بديل واضح.. وهو مبني على ما سبق من وحدة
القيادة.. والفوضى العربية لم يكن لها أي مشروع، لأنه لم يقم بتحريكها فلاسفة ولا
مفكرون.. وإنما قام به غوغائيون وفوضويون، وكان شعار مشروعهم نفسه شعارا فوضويا..
[الشعب يريد إسقاط النظام]، فهذا الشعار لا يحمل أي مضمون فكري، ولا أي بديل
حقيقي.. هو مجرد دعوة للفوضى، لأنه إذا سقط النظام، فستحل بدله الفوضى.
وكان من شعاراته
[الحرية]، وهو شعار مطاط يفهمه كل شخص بما يحلو له، فالإسلامي يفهمه على أنه يتيح
له أن يقيم الدولة الإسلامية التي يحلم بها.. والليبرالي يحلم بأنه سيتيح له المزيد
من الحريات، ويرفع الكثير من الكبت.. بل حتى المنحرفون يفهمون منه أنه يتيح لهم
بناء الكثير من المراقص ودور اللهو والحانات، وربما يتصور بعضهم أنه ستسورد لهم
المخدرات، وما يرضيهم من المغريات.
لذلك كان ذلك
الشعار قنبلة موقوتة، فالدولة القوية تبنى على المسؤولية والحزم والعدالة، لا على
الحرية الفوضوية.
وهكذا لم تتوفر
لكل تلك الثورات ما يسندها من الحاضنة الشعبية الحقيقية.. فهي حركات مفرقة وجدت
إعلاما يضخمها، وكانت تفتقر لكل قواعد التخطيط الاستراتيجي
اسم الکتاب : سورية والحرب الكونية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 61