اسم الکتاب : سورية والحرب الكونية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 57
ويخطط لها حكماؤها تخطيطا استراتيجيها بعيد المدى
يحقق لها التطور والسيادة، ولو على حساب تلك الأمزجة الآنية المحدودة التي يريد
عوام الناس فرضها.
والإجابة على
هذا السؤال بحسب ما يدل عليه العقل والواقع بل حتى النصوص المقدسة هو أن فرض
الدولة لهيبتها ليس استبدادا، بل هو واجب شرعي، لا يمكن للدولة أن تقوم من دونه،
بل هي إن غفلت عن ذلك، فستعيش الفوضى في الداخل، ويطمع أعداؤها فيها في الخارج.
أما دلالة العقل
على هذا؛ فيمكن التعرف عليها بتأمل بسيط، فالدولة كيان مثل الإنسان الذي لديه عقل
وعواطف وغرائز.. ولديه نفس لوامة وأخرى أمارة وأخرى مطمئنة.. ورأس الدولة في كل
هذه اللطائف والطاقات هو العقل.. فإن استسلم العقل للعواطف الباردة، والغرائز
الناشزة، والأهواء المتقلبة لم يعد عقلا، بل صار مجرد أداة للشهوات، وليس أداة
تعقل صاحبها عن كل سلوك مشين، أو خطر قادم.
وهكذا الدولة إن
خضع حكماؤها وأهل الرأي فيها لما يطلبه غلمانها وعوامها ودهماؤها، تتحول إلى دولة
فاشلة، لا نظام يحكمها، ولا عدل يستتب فيها.
وأما دلالة
الواقع على هذا؛ فيمكن التعرف عليها من خلال ذلك النموذج الذي يحرص الإسلاميون
دائما على تبنيه والدفاع عنه، فأردوغان قام بحملات اعتقال واسعة عقب الانقلاب
الفاشل الذي حصل له، وشملت تلك الاعتقالات عشرات الآلاف من الأساتذة والإعلاميين
والشرطة والجيش، ومورست معهم كل ألوان الإهابة، ومع ذلك لم نجد الجزيرة، ولا
الإخوان يعترضون عليها، وهم الذين تقوم قائمتهم عند اعتقال أي معارض في أي دولة لا
يتفقون معها، بل إنهم يكفرون الرئيس المصري الحالي بسبب اعتقاله للمتمردين الذي
رفضوا القبول به حاكما.. بينما يقبلون من أردوغان أن يعتقل بل يحكم بالمؤبد على من
يتهمهم بعدم قبول شرعيته.
اسم الکتاب : سورية والحرب الكونية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 57