responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سورية والحرب الكونية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 223

إرادتهم المجردة، ودورها فيما وقع لهم، فلا أحد يجادل فيه.. فلم يفرض عليهم أي أحد قناعته، بل إن الغرور الذي كان كالهالة المحيطة بهم كان كالحصن الحصين الذي يمنعهم من أن يسمعوا لغيرهم، أو يستفيدوا من سواهم.. وسنة الله فيمن يفعل هذا هي أن يكله إلى نفسه، ومن وكل إلى نفسه وإرادته لن يرى منهما إلا الهوان والذلة والخذلان.

وقد بدأت اختياراتهم الفاشلة منذ قرروا الدخول إلى الحكم، من غير أن تكون الفرصة مناسبة لتحقيق المبادئ التي كانوا ينادون بها.. وهنا وقعوا بين خيارين: إما تقديم المصالح الوقتية المحدودة في دخولهم للسلطة، واستفادتهم من امتيازاتهم، أو إرجاؤهم ذلك إلى توفر الجو المناسب لتحقيق المبادئ التي امتلأت بها شعاراتهم ومطوياتهم وكتبهم.

لكنهم، وبعجلة عجيبة آثروا المصالح على المبادئ.. وراحوا يضعون أسوأ نموذج للحكم في تاريخ مصر.. يحاول أن يرضي الإسلاميين المتطرفين، ويجيب كل نزواتهم الممتلئة بالعنف والحقد والكراهية، وفي نفس الوقت يحاول أن يرضي الليبراليين المتحررين ويرضي نزواتهم الممتلئة بالفجور والانحراف والفسوق..

وهذا ما جعلهم يظهرون بصورة المنافقين الذين لا يهتمون إلا ببقائهم في السلطة، ولا يعنيهم هل تحققت القيم التي ينادون بها أم لم تتحقق.

وكان في إمكانهم في ذلك الحين أن يقفوا مواقف شريفة مع القضية الفلسطينية، وأن يعيدوا تلك الصيحات المجلجلة التي كان يصيح بها جمال عبد الناصر، ليعيدوا المصريين إلى تلك الأيام التي توحدوا فيها مع زعيمهم، حتى بعد النكبة التي حصلت.. لكنهم لم يفعلوا، لا بالأقوال، ولا بالأفعال، بل استمرت اتفاقية كامب ديفيد، واستمر تواصل السفراء، ولم نسمع منهم في كل تلك فترة كلمة واحدة ضد إسرائيل.. بل لم نر منهم إلا لينا كبيرا، وعطفا شديدا على الصهاينة، جعلهم ممقوتين عند كل من يتألم للقدس وفلسطين.

اسم الکتاب : سورية والحرب الكونية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 223
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست