اسم الکتاب : إيران نظام وقيم المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 59
ونحب
أن نشير هنا أيضا إلى أن ربط المسألة بالعقيدة وعلم الكلام ليست بدعة ابتدعها
الخميني أو غيره من القائلين بولاية الفقيه، بل نجد هذا المعنى موجودا لدى قادة الحركات
الإسلامية، وخصوصا سيد قطب، والذي اعتبر [الحكومة الإلهية] قضية عقدية، وليست مجرد
فروع فقهية، بناء على ما ورد في النصوص من بيان خطورة التخلي عن حكم الله، كما قال
تعالى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة: 44]
بل
إننا نجد المدرسة السلفية نفسها، والتي تنكر إنكارا شديدا على ولاية الفقيه، تضع
في مسائل العقيدة قضايا فرعية جدا، هي أدنى بكثير منها، من أمثال المسح على
الخفين، وتبرر ذلك بما ذكره ابن جبرين في شرحه على الطحاوية بقوله: (مرت بنا مسألة
فرعية، وذكرنا أنها أدخلت في الأصول لأجل أن الخلاف فيها مع المخالفين في الأصول،
وهي مسألة المسح على الخفين، وذلك لأن الرافضة أنكروا المسح على الخفين، وصاروا
يمسحون على القدمين مكشوفتين، فتركوا سنة وارتكبوا بدعة، ولما كانوا مخالفين في
العقيدة.. فقد ترتب على ذلك المخالفة في المسح على الخفين، فذكرت في العقائد)[1]
بل
إن الأمر بلغ بالسلفية ما هو أخطر من ذلك حيث أدخلوا فروعا فقهية كثيرة مثل التوسل
والاستغاثة وزيارة الأضرحة في أبواب العقائد، بل جعلوها من أصول العقائد، وكفروا
على أساسها المخالفين، باعتبارهم وقعوا في الشرك الجلي.
وحتى
لا نتيه في الخلاف في المسألة، لأنها في كلا الحالتين ـ عند القائلين بولاية
الفقيه ـ لا علاقة لها بالكفر والإيمان، وإنما علاقتها بمدى أهمية المسألة، ذلك
أنها عندما ترتبط بالعقيدة يكون الاهتمام بها أعظم من كونها مجرد فرع من الفروع
الفقهية التي وقع فيها الخلاف.