وهكذا
نرى القرآن الكريم يعتبر الدعوة إلى الحكم بغير ما أنزل الله دعوة إلى الطاغوت،
قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا
بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ
يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ
الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا
إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ
يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا ﴾ [النساء: 60، 61]
وقد
استعمل قادة الثورة الإسلامية الإيرانية هذه المصطلحات القرآنية في مواجهة الشاه؛
فقد كانوا يطلقون عليه لقب الطاغوت، ويدعون إلى الثورة عليه، وعدم جواز السكون
والرضى بقوانينه، بل يدعون إلى مواجهتها وتحديها والإعراض عنها، ويستعملون القرآن
الكريم في تلك المواجهة، مثلما يفعل دعاة الحركات الإسلامية تماما، يقول الخامنئي:
(القرآن يصطلح على كل ولاية غير ولاية الله بالطاغوت. فهو يؤكِّد أنَّ من لا يخضع
لولاية الله وحاكميته فهو خاضع لولاية الطاغوت وحاكميته، فما هو الطاغوت؟ ..
الطاغوت هو ذلك الشخص الذي يستخدم مختلف الوسائل من أجل أن يجعل الناس يسيرون على
خلاف نهج الله ورسالته ودينه.. إذاً، فليس الطاغوت اسماً خاصاً، وليس صحيحاً ما
يتخيله البعض من أنَّ الطاغوت اسم لصنم معين. نعم، يطلق على الصنم ويسمى الصنم به
لكنه ليس صنماً معيناً، وقد يكون الإنسان نفسه صنماً، وكذلك ثروته وحياته العاطلة
المتراخية المترفة، وكذلك أمانيه وآماله، وقد يضع الإنسان يده بيد إنسان هو صنم
يغمض عينيه ويضع كل ما لديه بيده، وقد يكون الصنم هو الذهب والفضة أو النظام
الاجتماعي أو القانون. فليس الطاغوت اسماً لشيء محدد خاص. والذي يستنبط من القرآن
الكريم أنَّ الطاغوت مقامٌ فوق مقام الملأ وأشراف القوم والمترفين والجبارين
والرهبان.. وعلى هذا فكل من يخرج عن
اسم الکتاب : إيران نظام وقيم المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 43