اسم الکتاب : إيران نظام وقيم المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 21
فكتابات
الخميني وبياناته وفتاواه في هذا المجال سبقت سيد قطب وأبي الأعلى المودودي بكثر،
ومن الأمثلة على ذلك تلك الرسالة التي كتبها الخميني سنة 1944م، وفسر فيها قوله
تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ
مَثْنَى وَفُرَادَى﴾ [سبأ: 46]؛ فقال: (لقد بين الله تعالى في هذا الكلام
الشريف مسير البشرية، منذ المنزل الأول المظلم للطبيعة وحتى نهاية هذا المسير. وهو
أفضل موعظة اختارها إله العالم من بين جميع المواعظ، واقترح على البشر هذه الكلمة
الواحدة التي ينحصر فيها طريق إصلاح الدارين وهي: القيام لله الذي بلغ بإبراهيم
خليل الرحمن منزل الخلّة، وأطلقه من المظاهر المختلفة لعالم الطبيعة. لقد خاض
إبراهيم في علم اليقين حتى قال لا أحب الآفلين.. والقيام لله هو الذي سلّط موسى
الكليم بعصاه على آل فرعون، ودمّر عروشهم وتيجانهم، وأوصله إلى لقاء المحبوب ومقام
الصحو.. والقيام لله هو الذي جعل خاتم النبيين a يتغلب ـ لوحده ـ على جميع العادات والعقائد الجاهلية، وأزال
الأصنام من بيت الله، ووضع مكانها التوحيد والتقوى، وأوصل ذاته المقدسة إلى قاب
قوسين أو أدنى.. وحب الذات وترك القيام لله أوصلانا إلى هذه الأيام السود، وسلطا
أهل العالم ـ جميعاً ـ علينا، وجعلا البلاد الإسلامية تحت نفوذ الآخرين.. فالقيام
للمصالح الشخصية هو الذي خنق روح الوحدة والأخوّة بين الشعب المسلم، والقيام للنفس
هو الذي فرق أكثر من عشرة ملايين شيعي وفصلهم عن بعضهم، فأصبحوا لقمة (في أفواه)
حفنة من عباد الشهوة الجالسين وراء الموائد)[1]
ثم
راح يخاطب الأمة بأن تنهض لتعيد الحاكمية لله، فقال: (فيا أيها العلماء المسلمون
الربانيون، أيها العلماء المتدينون، أيها المتحدثون الذين تحبون الشريعة، أيها
المتدينون المحبون لله، أيها المحبون لله الطالبون للحق، أيها الطالبون للحق
الشرفاء،