اسم الکتاب : الأبعاد الشرعية لتربية الأولاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 467
رجلا من
الأنصار أتى النبي a فسأله فقال: أما في بيتك شيء؟ فقال بلى
حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه وقعب نشرب فيه الماء فقال: ائتني بهما، فأتاه بهما،
فأخذهما رسول الله a بيده فقال: من يشتري هذين؟ فقال رجل: أنا
آخذهما بدرهم، فقال رسول الله a:(من يزيد على درهم مرتين أو ثلاثا؟)،
فقال رجل: أنا أخذهما بدرهمين، فأعطاهما إياه وأخذ الدرهمين فأعطاهما الأنصاري
وقال: اشتر بأحدهما طعاما فانبذه إلى أهلك واشتر بالآخر قدوما فائتني به، فلما
أتاه به شد فيه رسول الله a عودا بيده، ثم قال:(اذهب فاحتطب وبع ولا
أرينك خمسة عشر يوما)، ففعل وجاء فأصاب عشرة دراهم، فاشترى ببعضها ثوبا وببعضها
طعاما، فقال رسول الله a:(هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في
وجهك يوم القيامة، إن المسألة لا تحل إلا لثلاث: لذي فقر مدقع[1]، ولذي غرم[2] مفظع[3]، ولذي دم موجع[4][5]
ويدل لهذا
الأصل الأدلة الكثيرة المستفيضة من القرآن الكريم:
فالله تعالى
يقرن الضرب في الأرض للعمل والتكسب بالجهاد في سبيل الله، بل يقدمه عليه، قال
تعالى: ﴿ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ
فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ﴾ (المزمل:20)، قال
القرطبي:(سوى الله تعالى في هذه الآية بين درجة المجاهدين والمكتسبين المال الحلال
للنفقة على نفسه وعياله، والإحسان والإفضال، فكان هذا دليلا على أن كسب
[1] المدقع هو الشديد
الملصق صاحبه بالدقعاء يعني الأرض التي لا نبات بها.
[2] الغرم هو الذي
يلزم صاحبه أداؤه يتكلف فيه لا في مقابلة عوض.