وهو العلاج لحر المصائب التي تنزل على الإنسان من غير اختياره ولا اختيار
أحد من الخلق، لأنه نوع من مواجهة المقادير الإلهية من غير ضجر ولا جزع، قال
الغزالي:(فإن قلت: فبماذا تنال درجة الصبر في المصائب وليس الأمر إلى اختياره؟ فهو
مضطر شاء أم أبى، فإن كان المراد به أن لا يتكون في نفسه كراهية المصيبة فذلك غير
داخل في اختيار فاعلم أنه إنما يخرج عن مقام الصابرين بالجزع وشق الجيوب وضرب
الخدود والمبالغة في الشكوى وإظهار الكآبة وتغيـير العادة في الملبس والمفرش
والمطعم، وهذه الأمور داخلة تحت اختياره فينبغي أن يجتنب جميعها ويظهر الرضا بقضاء
الله تعالى ويبقى مستمرّاً على عادته، ويعتقد أنّ ذلك كان وديعة فاسترجعت)[1]
فالصبر بذلك هو الحصن الذي يحتمي به المؤمن من كل الأمراض النفسية التي
تسببها أنواع البلاء.
وعطاء الصبر النفسي لا يتوقف عند هذا الحد، بل هو العلاج النفسي لكل النواحي
الفطرية التي قد لا تتناسب مع كمال الإنسان وسيره السلوكي:
فهو علاج الاستعجال الذي هو فطرة بشرية، كما قال تعالى: ﴿ خُلِقَ الْأِنْسَانُ
مِنْ عَجَلٍ ﴾ (الانبياء:37)، وهذا العلاج له أهميته الكبرى في جميع ميادين
الحياة، فلا يمكن أن يقوم المستعجل بأي عمل كامل صحيح.