اسم الکتاب : الأبعاد الشرعية لتربية الأولاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 135
فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ
خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ﴾ (النحل:126)، في هذه الآية تخيير للمؤمن بين عقوبة من ظلمه، كما
قال تعالى في الاية الأخرى:
﴿ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى
عَلَيْكُمْ ﴾ (البقرة:194)، وبين الصبر مع اعتباره هو الأفضل، ولذلك وصفه بالخيرية وعقب
عليها بقوله تعالى: ﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ
عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ﴾ (النحل:127)
بناء على هذا فإن تمرين الأولاد على الصبر لله وبالله، كما قال تعالى: ﴿ وَاصْبِرْ وَمَا
صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ﴾ (النحل:127) له تأثيره التربوي الكبير على
سلوكه الروحي والأخلاقي والاجتماعي، لأن كل ذلك يفتقر إلى الصبر في تحقيقه.
ولهذا اعتبر تعالى الصبر من وسائل التزكية مثله مثل الصلاة، فقال: ﴿
وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى
الْخَاشِعِينَ﴾ (البقرة:45)
وأخبر تعالى أن تأييده لعباده على أنفسهم أو على عدوهم مرتبط بمدى صدق
صبرهم، فقال: ﴿ بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ
فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةُ
مُسَوِّمِينَ﴾ (آل عمران:125)، وقال a:(واعلم أن النصر مع الصبر)[1]
وأخبر تعالى أن كيد أعدائهم مهما كان نوعه ومهما كان موضوعه مرتبط بالصبر،
فقال تعالى: ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ
اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾ (آل عمران:120)
وسنذكر هنا بعض ثمرات الصبر العملية في السلوك الروحي، الذي هو أساس كل سلوك
وروحه ومنطلقه، وذلك لأن أداء جميع الطاعات، والانتهاء عن جميع المعاصي