اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 91
قياس إلى أثر ومن خبر إلى آية؟ بل جميع مناظراتهم من
هذا الجنس إذ كانوا يذكرون كل ما يخطر لهم كما يخطر وكانوا ينظرون فيه)[1]
ج ـ التعهد بالتزام الحق:
وهو التزام المحاور برأي المخالف في حال صحته أو
اقتناعه به، ويشير إلى هذا الأدب قوله تعالى:﴿ قُلْ
إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ﴾ (الزخرف:81)،
لأن لهذا الالتزام دورا كبيرا في نفسية المخالف وفي استنهاضه لما لديه من أدلة،
وهو ما ييسر نجاح الحوار وأدائه للثمار المطلوبة منه.
ويدخل في هذا الباب تسليم المحاور بالخطأ في حال وقوعه
فيه، وهذا ما تفرضه المنطلقات النفسية التي ذكرناها، والتي تستدعي التسليم
بإمكانية صواب الخصم، ولهذا قال تعالى بعد مناقشة طويلة في الأدلة على وحدانية
الله:﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ
اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ﴾
(سـبأ:24)، فطرفا الحوار سواء في الهداية أو الضلال، ثم يضيف على الفور في تنازل
كبير بغية حمل الطرف الآخر على القبول بالحوار:﴿ قُلْ لا تُسْأَلُونَ
عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ (سـبأ:24)، فيجعل
اختياره هو بمرتبة الإجرام على الرغم من أنه هو الصواب، ولا يصف اختيار الخصم بغير
مجرد العمل.
د ـ إبداء الإعجاب بالخصم في حال صوابه:
لأن ذلك مما يجعل المخالف واثقا من صدق محاوره، فلا
يتردد في قبول حجته في حال اقتناعه بها، جاعلا من تصرف محاوره أسوة له في ذلك.