اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 78
وقدوة للمؤمنين ـ مع أقوامهم من الكفارين لنعتبر على
الأقل في التأسي بهم في حوارنا مع المؤمنين، بل مع أقرب الناس إلينا، فلذات
أكبادنا.
ولا بأس أن نذكر هنا نموذجا عن نبي من الأنبياء ـ صلوات
الله وسلامه عليهم ـ مكث مع قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله،
فيقابلونه بكل أنواع السخرية، فلا يستسلم لسخريتهم بل يظل يحاورهم بهدوء محير، هو
نوح u الذي جعل الله تعالى حواره مع ابنه نموذجا
لحوار الأب مع أولاده.
فقد خاطبهم u بكل أدب واحترام
وهدوء، وبين لهم حبه لهم، والذي دعاه إلى الحرص عليهم والخوف على أن يصبيهم عذاب
الله، ولكنهم واجهوه بالاحتقار والتكذيب والسخرية.
لكنه u لم ينه الحوار، ولم
ينسحب من ساحاتهم، لأن ذلك هو مايريدونه أو ما تريده شياطينهم، بل واصل الحوار
معهم من النقاط التي أرادوا إنهاء العملية الحوارية عندها، قال تعالى على
لسان نوح u في حواره مع قومه:﴿ يَا
قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً
مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا
كَارِهُونَ وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ
عَلَى اللّهِ وَمَا أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّهُم مُّلاَقُو
رَبِّهِمْ وَلَـكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ وَيَا قَوْمِ مَن
يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ وَلاَ أَقُولُ
لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي
مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ
خَيْراً اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَّمِنَ
الظَّالِمِينَ ﴾ (هود : 28
اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 78