اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 75
جنس الطاعات ما لم يراع فيه الوقت والشروط والترتيب)[1]
بل إن هذا الحوار، ولو كان من فروض الكفاية، فإنه لا
ينبغي تقديمه على ما هو أولى منه من فروض الكفايات، قال الغزالي في آداب المناظرة:
(أن لا يرى فرض كفاية أهم من المناظرة فإن رأى ما هو أهم وفعل غيره عصى بفعله،
وكان مثاله مثال من يرى جماعة من العطاش أشرفوا على الهلاك وقد أهملهم الناس وهو
قادر على إحيائهم بأن يسقيهم الماء فاشتغل بتعلم الحجامة، وزعم أنه من فروض
الكفايات ولو خلا البلد عنها لهلك الناس وإذا قيل له في البلد جماعة من الحجامين
وفيهم غنية فيقول هذا لا يخرج هذا الفعل عن كونه فرض كفاية. فحال من يفعل هذا ويهمل
الاشتغال بالواقعة الملمة بجماعة العطاش من المسلمين كحال المشتغل بالمناظرة وفي
البلد فروض كفايات مهملة لا قائم بها، فأما الفتوى فقد قام بها جماعة ولا يخلو بلد
من جملة الفروض المهملة ولا يلتفت الفقهاء إليها وأقربها الطب؛ إذ لا يوجد في أكثر
البلاد طبـيب مسلم يجوز اعتماد شهادته فيما يعوّل فيه على قول الطبـيب شرعاً ولا
يرغب أحد من الفقهاء في الاشتغال به، وكذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو من
فروض الكفايات، وربما يكون المناظر في مجلس مناظرته مشاهداً للحرير ملبوساً
ومفروشاً وهو ساكت ويناظر في مسألة لا يتفق وقوعها قط وإن وقعت قام بها جماعة من
الفقهاء، ثم يزعم أنه يريد أن يتقرب إلى الله تعالى بفروض الكفايات)
ولا نرى صعوبة في تطبيق ما ذكره الغزالي على واقع
الحوار في عصرنا، فلهذا لا نحتاج إلى أي تعليق على ما قاله.