اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 47
تضيّعها كذلك، فسيدُنا كريمٌ رحيمٌ، لعلّه يشملك برحمته
وينالك عفوه عما بدر منك من تقصير، فيسمحوا لك بركوب الطائرة، ونبلغ معاً محل
اقامتنا في يوم واحد. فان لم تفعل ما اقوله لك فستضطر الى مواصلة السير شهرين
كاملين في هذه المفازة مشياً على الاقدام، والجوع يفتك بك، والغربة تخيم عليك وانت
وحيد شارد في هذه السفرة الطويلة.
ثم يسأل النورسي ـ كما يمكن أن يسأل المربي المتلقي عنه
ـ:(تُرى لو عاند هذا الشخص، فصرف حتى تلك الليرة الباقية في سبيل شهوة عابرة،
وقضاء لذة زائلة، بدلاً من اقتناء تذكرة سفر هي بمثابة مفتاح كنزٍ له. ألا يعني
ذلك أنه شقي خاسر، وأبله بليد حقاً.. ألا يُدرك هذا أغبى انسان ؟)
وهذا السؤال الذي ينقل الولد من دور المتلقي السامع إلى
دور المؤثر في الحكاية والفاعل له تأثيره الكبير في ترسيخ المعاني في نفسه وإيمانه
بها، لأنه هو الذي سيحكم على المفرط بالغباء والبلادة.
يقول النورسي بعد ذلك مبينا تطبيق هذا المثل على الصلاة:(فيا
من لا يؤدي الصلاة! ويا نفسي المتضايقة منها! ان ذلك الحاكم هو ربُّنا وخالقنا جلّ
وعلا..أما ذلكما الخادمان المسافران، فأحدهما هو المتديّن الذي يقيم الصلاة بشوق
ويؤديها حق الأداء، والآخر هو الغافل التارك للصلاة..وأما تلك الليرات الذهبية
الاربعة والعشرون فهي الاربع والعشرون ساعة من كل يوم من أيام العمر.. وأما ذلك
البستان الخاص فهو الجنة.. وأما تلك المحطة فهي القبر.. وأما تلك السياحة والسفر
الطويل فهي رحلة البشر السائرة نحو القبر والماضية الى الحشر والمنطلقة الى دار
الخلود. فالسالكون لهذا الطريق الطويل يقطعونه على درجات متفاوتة.. أما تلك
التذكرة فهي الصلاة التي لا تستغرق خمسُ صلوات مع وضوئها اكثر من ساعة)
اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 47