اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 34
خصائص القصة وجمالياتها وتأثيرها.
فهي من الجهة الأولى تتناسب مع ما يرد في القصص
الخُرافي من خوارق، والتي يحبذها الإنسان بطبعه، بل يدعو لهم علماء النفس
باعتبارها تفسح الخيال وتغذيه[1].
يقول و. د. وول في كتابه (التربية البنَّاءة للأطفال)-
الذي تولَّت منظمة اليونسكو نشره لأهميته –:(إذا
كان الكبار أنفسهم في حاجة بين الحين والآخر إلى أن يذهبوا مع تيَّار أوهامهم، وأن
يختلقوا حكايات، ويبتدعوا خيالات، فإن الطفل يهتم بقدر ما يكبر بالسببية، وإن دور
التربية هو تسهيل التفكير العلمي بخصوص الأسباب، دون القضاء
[1]
في الحقيقة هناك خلاف بين علماء النفس في هذا الأمر: فبعضهم يرى أن للخرافة بُعداً
أساسياً في الحضارة، وإن توظيفها في تأهيل
الأطفال وإعدادهم
- لكي يكونوا عناصر فاعلة في إطار الجماعة التي ينتمون إليها - أمر لا شك فيه، خاصة تلك
الخرافات التي تروى في نطاق الأسرة، والتي تتوجه أساساً إلى تربية الطفل،
وتنمية خياله وقدراته، الذهنية والوجدانية، حين تقدم له نماذج من السلوك الإنساني،
فتكون أداة للمعرفة في تشكل تصوراته عن الكون، والمحيط الاجتماعي الذي يحيا
فيه.
وبعضهم يعترض
على استخدامها
في أدب الأطفال، بل يعترض على كل الأنماط الحِكائية التي تستخدم الخيال الواسع
والوسائل السحرية، والتي ترتكز على ارتحال الأبطال إلى عالم المجهول، عالم
الأرواح، والشياطين، والأشباح، دون الاهتمام بتفاوت هذه الأنماط في تصويرها لهذا
العالم، وعلاقته بالعالم الواقعي.
وتستند هذه النظرة إلى القول: إنَّ
هذا العالم الخرافي أو الأسطوري من شأنه
إبعاد الطفل
عن معرفة ذاته، وتغريبه عن محيطه، وكيفية التعامل معه، وتقديم حلول جاهزة للمشاكل
العويصة التي تتطلَّب نِضالاً مريراً في بعض الأحيان.
ولهذا ينادون بِعَقْلَنَة ما يقدَّم
للطفل في هذا المجال، ومراعاة الفئات العُمْريَّة التي
توجه لها هذا النوع من القصص.
ويعود هذا الموقف الداعي إلى إسقاط
الخرافة من أدب الطفل إلى نظرة بعض علماء
الأنثروبولوجيا
(علم الأجناس البشرية)، الذين استندوا إلى نظرة تطورية، ترى بأن الأسطورة
تختص بزمنٍ تاريخي معين، كان فيه العقل الإنساني بدائياً، ولا يمكن أن تبقى
حيَّة في العصر الحديث، الذي يسيطر عليه العلم سيطرة تكاد تكون مطلقة.
لكنَّ دراسات أخرى رفضت هذا التقسيم
الحادّ لتطور العقل الإنساني، فالإنسان - كما ترى - يلجأ إلى القُوى
الغَيبيَّة، المتمثِّلة في الأساطير، في أية مرحلة من
مراحل تطوّره،
كلما واجهته صعوبات لا يستطيع السيطرة عليها أو تفهمها.
واتجهت دراسات أخرى إلى نفي التعارض
بين الأسطورة والعلم، لأنَّ كُلاًّ منهما
يعمل في مجال
خاص به، ويُلبِّي حاجات مختلفة في النفس الإنسانية.
اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 34