اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 208
الألفاظ أحسنها ومن المعاني أرقها، لأن معنى (راعنا)في
اللغة أرعنا ولنرعك، لأن المفاعلة من اثنين، فتكون من رعاك الله، أي احفظنا
ولنحفظك، وارقبنا ولنرقبك.
قال ابن عباس: كان المسلمون يقولون للنبي a:(راعنا.
على جهة الطلب والرغبة - من المراعاة - أي التفت إلينا، وكان هذا بلسان اليهود
سبا، أي اسمع لا سمعت، فاغتنموها وقالوا: كنا نسبه سرا فالآن نسبه جهرا، فكانوا
يخاطبون بها النبي rويضحكون فيما بينهم، فسمعها سعد بن
معاذ وكان يعرف لغتهم، فقال لليهود: عليكم لعنة الله! لئن سمعتها من رجل منكم
يقولها للنبي rلأضربن عنقه، فقالوا: أولستم تقولونها؟
فنزلت الآية، ونهوا عنها لئلا تقتدي بها اليهود في اللفظ وتقصد المعنى الفاسد فيه.
فهذه الآية دليل على وجوب تجنب الألفاظ المحتملة التي
فيها التعريض للتنقيص والغض.
وقد يكون بالمحاكاة في الفعل والقول، قالت عائشة: حاكيت
إنساناً فقال لي النبـي a: (والله ما
أُحِبُّ أَنِّي حَاكَيْتُ إنْسَاناً وَلِي كَذَا وَكَذَا)
وقد يكون ابتسامة أو ضحكة في غير محلها، قال ابن عباس
في قوله تعالى:﴿ يَا
وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا
أَحْصَاهَا ﴾ (الكهف:49):(إن الصغيرة التبسم بالاستهزاء بالمؤمن، والكبـيرة
القهقهة بذلك)، وفي هذا إشارة إلى أن الضحك على الناس من جملة الذنوب والكبائر.
وعن عبد الله بن زمعة أنه قال: سمعت رسول الله a وهو
يخطب فوعظهم في ضحكهم من الضرطة فقال: (عَلامَ يَضْحَكُ أَحَدُكُمْ مِمَّا
يَفْعَلُ)[1] ، ففي
هذا الحديث