اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 188
لأولادهم بالخير والبركة، فلذلك عقب على ذلك بالإخبار
بأنه تعالى لو استجاب لهم كل ما دعوه به في ذلك
لأهلكهم.
وهاتان الآيتان تتضمنان نهيا يكاد يكون صريحا عن دعاء
المؤمن على نفسه أو أهله أو ولده، بل قد ورد تصريح الحديث الشريف بالنهي الذي لا
يقتضي غير التحريم، فقال a:(لا تدعوا على
أنفسكم، لا تدعوا على أولادكم، لا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من اللّه ساعة
فيها إجابة فيستجيب لكم)[1]
ففي الحديث تخويف شديد من أن ذلك الدعاء الذي يتوجه به
الإنسان لينزل عليه الشر أو على أهله وماله قد يصادف ساعة إجابة، فيستجاب له مع ما
فيه من الخطر الشديد[2].
وقد ورد ما يؤيد هذا من حديث جابر الطويل، ففيه قال
جابر : سرنا مع رسول الله r في غزوة بطن بواط
وهو يطلب المجدي بن عمرو الجهني، وكان الناضح يعتقبه منا الخمسة والستة والسبعة،
فدارت عقبة رجل من الأنصار على ناضح له فأناخه فركب، ثم بعثه فتلدن عليه بعض
التلدن؛ فقال له: شأ؛ لعنك الله! فقال رسول الله a:(من
هذا اللاعن بعيره؟)، قال: أنا يا رسول الله؛ قال:(انزل عنه فلا تصحبنا بملعون لا
تدعوا على
[2]
وقد ذكر بعضهم أن مثل هذه الأدعية لا تستجاب، واستدل على ذلك بما روي عن النبي r أنه قال :« إني سألت الله
عز وجل ألا يستجيب دعاء حبيب على حبيبه»، وقال شهر بن حوشب: قرأت في بعض الكتب أن
الله تعالى يقول للملائكة الموكلين بالعبد: لا تكتبوا على عبدي في حال ضجره شيئا؛
لطفا من الله تعالى عليه.
وربما يستدل لذلك بما ورد في القرآن
الكريم كما مر في تفسير الآيتين السابقتين.
ونرى أن مثل هذا الدعاء لو تحققت
شرائطه، بأن كان الولد ظالما، والوالد الداعي مظلوما قد تحققت فيه شرائط الإجابة،
فقد يكون ذلك سببا للاستجابة، أما لغو الدعاء، فإن الله أكرم من أن يستجيب له،
خاصة إن لم يبدر من الولد ما يستوجب مثل ما دعي عليه به.
اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 188