responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 186

القيامة مكتوب بين عينيه: آئس من رحمة الله)[1]

فإن هذه النصوص الترهيبية وحدهاكافية في ردع أي نفس خبيثة قد لا يردعها القصاص نفسه، فإنا نجد في الواقع من يقول مهددا:(سأقتله ولو قتلت به)، لأن القوة الغضبية ـ كالقوة الشهوانية ـ لا يعقلها إلا الترهيب العظيم المنشئ للخوف في النفس من الله من غضبه وعقابه.

ولهذا ذكر الله تعالى نموذج المؤمن الذي ضحى بنفسه خوفا من الله، وكان أقواهما قوة كما يذكر المفسرون[2]، ولكن خوفه من الله منعه من أن يبسط يده لأخيه ليقتله، قال تعالى ذاكرا سر توقف أحد ابني آدم عن قتل أخيه:﴿ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ﴾ (المائدة:28 ـ 29)

ولهذا، فإن الشريعة تعتمد لردع الرذائل من النفس والمجتمع هذا الأسلوب، بل تجعل له النصيب الأوفر، تاركة سائر الأساليب مراتب تالية، معتبرة تأثيرها المحدود.

وهذا الأسلوب يعتمد أساسا على الإيمان بالله واليوم الآخر، فمن لم يؤمن بالله ولا باليوم الآخر لا يجدي فيه الإنذار شيئا، بل قد يستهزئ بالعذاب، ويطلبه ،كما قال تعالى حاكيا عن المشركين:﴿ وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ (الأنفال:32)، فهؤلاء من كثرة جهلهم وشدة تكذيبهم وعنادهم وعتوهم، طلبوا العذاب بدل أن يقولوا (اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا له ووفقنا لاتباعه)


[1] رواه ابن ماجة والبيهقي عن أبي هريرة؛ والطبراني في الكبير عن ابن عباس؛ وابن عساكر عن ابن عمر؛ والبيهقي عن الزهري مرسلا.

[2] قال عبدالله بن عمرو وجمهور المفسرين: كان هابيل أشد قوة من قابيل ولكنه تحرج، قال ابن عطية: وهذا هو الأظهر.

اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 186
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست