اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 185
يتعود عليها، فلا يبقى لها أي تأثير فيه، ولذلك جمع
الله تعالى للقاتل مجموعة عقوبات أخروية تفوق في خطرها العقوبة التي أعدت له في
الدنيا، والتي قد يفلت منها بأي حيلة من الحيل ،فقال تعالى:﴿ وَمَنْ
يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ
اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً﴾ (النساء:93)
فقد جمعت الآية أنواعا من الوعيد تهتز لها القلوب
وترتعد لها الفرائص، أخطرها الوعيد بالخلود في جهنم[1]، وما
أعد فيها من العذاب العظيم، زيادة على غضب الله ولعنه.
ومثل ذلك ما ورد في السنة كقوله a:(أول
ما يقضي بين الناس يوم القيامة في الدماء)[2]، وفي
حديث آخر قال a:(لزوال الدنيا أهول عند اللّه من قتل رجل
مسلم)[3]، وفي حديث الآخر
قال a:(من أعان على قتل
مؤمن بشطر كلمة لقي الله يوم
[1]
وهو مما اختلف فيه العلماء، والجمهور على عدم الخلود، وذهب ابن عباس إلى ظاهر
الآية، قال البخاري عن المغيرة بن النعمان قال: سمعت بان جبير قال: اختلف فيها أهل
الكوفة فرحلت إلى ابن عباس فسالته عنها فقال: نزلت هذه الآية :) وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً
مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ
وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً((النساء:93)هي آخر ما نزل وما نسخها
شيء.
وروى سالم بن أبي الجعد قال: كنا
عند ابن عباس بعدما كُفَّ بصره فأتاه رجل فناداه: يا عبد اللّه بن عباس ما ترى في
رجل قتل مؤمناً متعمداً؟ فقال: جزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب اللّه عليه ولعنه وأعد
له عذاباً عظيماً، قال: افرأيت إن تاب وعمل صالحاً ثم اهتدى؟ قال ابن عباس: ثكلته
أمه وأنى له التوبة والهدى؟ والذي نفسي بيده لقد سمعت نبيكم a يقول: ثكلته أمه قاتل مؤمن متعمداً،
جاء يوم القيامة أخذه بيمينه أو بشماله تشخب أوداجه من قبل عرش الرحمن، يلزم قاتله
بشماله وبيده الأخرى رأسه يقول: يا رب سل هذا فيم قتلني ، وإيم الذي نفس عبد اللّه
بيده لقد أنزلت هذه الآية فما نسختها من آية حتى قبض نبيكم a وما نزل بعدها من برهان (ابن جرير عن
سالم بن أبي الجعد).