اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 181
الحرص المادي في فطرة الولد، فيجعل هدفه من العمل أو
الإحسان هدفا ماديا محضا، وذلك لا يتعارض فقط مع الإخلاص، كما ذكرنا سابقا، وإنما
يتعارض ـ أيضا ـ مع التكوين السوي لشخصيته، لأن حب المال والحرص عليه أو المبالغة
في الحرص منبع من منابع الفساد.
ولهذا ذم الله تعالى الحب الشديد للمال أو الحرص
المبالغ فيه عليه فقال:﴿ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ﴾ (العاديات:8)،
فالخير هو المال، والحب[1] هو
التعلق الزائد والحرص الشديد.
وقد يرد على هذا بقوله تعالى:﴿ وَأُحْضِرَتِ
الْأَنْفُسُ الشُّحّ﴾ (النساء:128)، فالآية تصرح بأن الشح في كل أحد، وأن
الإنسان لا بد أن يشح بحكم خلقته وجبلته، فكيف يربى الشخ في النفس، وهو موجود
فيها.
وقد أجاب على هذا الاعتراض قوله تعالى:﴿ وَمَنْ
يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (الحشر:9)، فمادة
الشح وإن كانت موجودة في النفس إلى أنه يمكن توجيهها إلى أي وجهة شاء المربي على
حسب نوع الأسلوب الذي يستعمله.
فإن وجهها توجيها إيجابيا حولت صاحبها إلى شحيح على
دينه وعقله وكرامته ومصيره، فلا يترك لأحد الفرصة ليتلاعب بها.
وإن وجهها توجيها ماديا بحتا حولت صاحبها إلى حريص على
المال جامع له بخيل به، وأعظم بالبخل داء، وقد روي أن النبي r قال
للأنصار:(من سيدكم؟)، قالوا:(الجد بن قيس على بخل فيه)، فقال النبي a:(وأي
داء أدوى من البخل)[2]
[1]
في تفسير الحب هنا مذهبان للعلماء: (أحدهما): أن المعنى: وإنه لشديد المحبة للمال،
(والثاني): وإنه لحريص بخيل من محبة المال، وكلاهما صحيح.