اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 177
صار ذلك الإنسان مخدوماً بالطبع ألا ترى أن البهائم
والسباع قد تكون أقوى من الإنسان، ثم إنها إذا شاهدت الإنسان هابته وفرت منه وما
ذاك إلا لمهابة النفس الناطقة)
وهذا الوجه يجعل المؤمن يستشعر في مدحه تعظيما لما فيه
من نور الإيمان لا تعظيما مرتبطا بذاته.
من يضره المدح: وهو من يلتفت إليه، فيؤثر في إخلاصه أو
في عزيمته:
أما تأثيره في إخلاصه، فبأن يحدث في نفسه كبرا أو
استعلاء، ولهذا ورد التحذير من المدح، بل ورد القول بتحريمه، بل عقوبة المادحين.
وقد روي أنه قام رجل يثني على أمير من الأمراء، فجعل
المقداد يحثي عليه التراب، ويقول:(أمرنا رسول الله a أن
نحثي في وجوه المداحين التراب[1])[2]
ويتأكد المنع إن كان الممدوح ظالما أو فاسقا، فذلك
زيادة على كونه كذبا، قد يكون تشجيعا له على ما هو فيه من ظلم، ولهذا روي في
الحديث قوله a:(إذا مدح الفاسق
غضب الرب، فاهتز لذلك العرش)[3]
ويشمل هذا السلوك كل أصناف الجزاء، ولهذا قال الحسن :(من
دعا لظالم بطول البقاء فقد أحب أن يعصي الله تعالى في أرضه)، قال الغزالي:(والظالم
الفاسق ينبغي أن يذم ليغتم ولا يمدح ليفرح)
ومع ذلك، فقد يستحب مدحه ببعض ما فيه من الخير تأليفا
لقلبه، إن ظن تأثير ذلك فيه، والأدلة على ذلك كثيرة لا يمكن ذكرها هنا.
[1]
هذا الحديث قد حمله على ظاهره المقداد الذي هو راويه ووافقه طائفة وكانوا يحثون
التراب في وجهه حقيقة. وقال آخرون: معناه خيبوهم فلا تعطوهم شيئاً لمدحهم، وقيل:
إذا مدحتم فاذكروا أنكم من تراب فتواضعوا ولا تعجبوا وهذا ضعيف.