اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 164
الإخلاص، فلذلك كان من التحصينات المهمة لهذا النوع من
أنواع الجزاء: التوحيد، والإخلاص:
التوحيد:
وإليه الإشارة بتقديم شكر الله على شكر الوالدين في
قوله تعالى:﴿ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْك﴾ (لقمان:14)، فقدم
الله شكره على شكر الوالدين مع أن مقام الآية هو الحديث عن فضل الوالدين، والحث
على شكرهما، لئلا يشغل شكرهما عن شكر الله.
ولهذا نبه الصالحون إلى ضرورة استشعار التوحيد للشاكر
والمشكور، قال الشعراني:(فاشكر يا أخي من أسدى معروفا لكن من غير وقوف معه، فتراه
كالقناة الجاري لنا منها الماء أو كالأجير الذي يغرف لنا من طعام رجل غيره بأجرة
جعلها له)
وقال الغزالي في بيان ما يقتضيه التوحيد عند أخذ العطية:(وتوحيده
أنه إذا أخذ العطاء حمد الله عز وجل وشكره ورأى أن النعمة منه ولم ينظر إلى واسطة،
فهذا هو أشكر العباد لله سبحانه وهو أن يرى أن النعمة كلها منه)[1]
وعلل ذلك بأن من شكر غير الله تعالى، حقيقة لا مجازا، (فكأنه
لم يعرف المنعم ولم يتيقن أن الواسطة مقهور مسخر بتسخير الله تعالى إذ سلط الله
تعالى عليه دواعي الفعل ويسر له الأسباب فأعطى وهو مقهور، ولو أراد تركه لم يقدر
عليه بعد أن ألقى الله عز وجل في قلبه أن صلاح دينه ودنياه في فعله. فمهما قوي
الباعث أوجب ذلك جزم الإرادة وانتهاض القدرة ولم يستطع العبد مخالفة الباعث القوي
الذي لا تردد فيه والله عز وجل خالق للبواعث ومهيجها ومزيل للضعف والتردد عنها
ومسخر القدرة للانتهاض بمقتضى البواعث. فمن تيقن هذا لم يكن له نظر إلا إلى مسبب
الأسباب)