اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 15
السراويل حتى بلغ الأليتين، وجلس منها مجلس الرجل من
امرأته)
وتصور هؤلاء أن الحكمة في ذكر ذلك في القرآن الكريم أن
يكون مثلا للمذنبين ليروا أن توبتهم ترجع إلى عفو الله تعالى كما رجعت ممن هو خير
منهم ولم يوبقه القرب من الذنب، ويروون عن الحسن قوله:(إن الله تعالى لم يذكر
معاصي الأنبياء ليعيرهم بها؛ ولكنه ذكرها لكيلا تيأسوا من التوبة)، وعن الغزنوي:(مع
أن زلة الأنبياء حكما: زيادة الوجل، وشدة الحياء بالخجل، والتخلي عن عجب، العمل،
والتلذذ بنعمة العفو بعد الأمل، وكونهم أئمة رجاء أهل الزلل)
ولكن هذه الحكمة ليست بشيء أمام المخاطر المنجرة عن رمي
الأنبياء ـ عليهم السلام ـ بمثل هذا، وأقلها سقوط منزلة الأنبياء من عيون الناس،
وهو ما يمهد للتفلت من أحكام الشريعة بحجة أن الأنبياء وقعوا في مخالفتها.
ومن هذا الباب المحذور ما يروي مصعب بن عثمان قال: إن
سليمان بن يسار كان من أحسن الناس وجها، فاشتاقته امرأة فسامته نفسها فامتنع عليها
وذكرها، فقالت: إن لم تفعل لأشهرنك؛ فخرج وتركها، فرأى في منامه يوسف الصديق u جالسا
فقال: أنت يوسف؟ فقال: أنا يوسف الذي هممت، وأنت سليمان الذي لم تهم؟!
فهذه الحكاية التي يتداولها الوعاظ تنزل بمنزلة
الأنبياء في عيون الناس، وتمهد بذلك لكل الاحتمالات.
أما السبب الذي حفظ به يوسف u من
مواقعة المعصية، فيصوره هؤلاء تصويرا غريبا يجعل من مشهد العفاف الذي ذكره القرآن
الكريم مشهدا للفجور الذي لا يردعه شيء.
ويستغل لذلك نص قرآني هو في منتهى الجمال والرقة
والدقة، وهو قوله تعالى:﴿ لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّه﴾ (يوسف:24)
اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 15