اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 139
وقد اعتبر القرآن الكريم الحب المفرط للرجال والطاعة
العمياء لهم من الشرك بالله، فقال تعالى:﴿
اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ
وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا
لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ (التوبة:31)
أما وجه الاستدلال بالآية، فيوضحه رسول الله a، وذلك
فيما روي عن عدي بن حاتم أنه سمع رسول الله a يقرأ
في سورة براءة: ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا
مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا
لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا
يُشْرِكُونَ﴾ (التوبة:31)، فقال:)أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ، ولكن كانوا
إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه)[1]
وقال ابن عباس : (لم يأمروهم أن يسجدوا لهم ، ولكن
أمروهم بمعصية الله فأطاعوهم ، فسماهم الله بذلك أربابا(، وقال الحسن:)اتخذوا
أحبارهم ورهبانهم أربابا في الطاعة (
ولهذا أخبر تعالى عن الطريقة الصحيحة التي يربي بها
الصالحون أتباعهم، فقال:﴿ مَا كَانَ
لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ
يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا
رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ
تَدْرُسُونَ﴾ (آل عمران:79)
يقول سيد قطب معلقا على الآية:(إن النبي يوقن أنه عبد،
وأن الله وحده هو الرب، الذي يتجه إليه العباد بعبوديتهم وبعبادتهم. فما يمكن أن
يدعي لنفسه صفة الألوهية التي تقتضي من الناس العبودية. فلن يقول نبي للناس: كونوا
عبادا لي من دون الله .. ولكن قوله لهم: كونوا ربانيين .. منتسبين إلى الرب، عبادا
له وعبيدا، توجهوا إليه وحده