اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 128
فلما رأوا فعله r قاموا
فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً)[1]
ففي هذا المثال نرى أن الخطاب النظري أحدث أثراً في
نفوس السامعين إلا أنه لم يترجم إلى عمل، فلما اقترن بممارسة الفعل سهل عليهم
الامتثال والتنفيذ ؛ فممارسة الفعل هي بمثابة المرحلة الحاسمة التي تبرز قيمة ما
سبقها وأثره، وتُخرج ما أحدثه من مشاعر نفسية إلى الوجود في صورة عملية.
ولهذا كان من سنة رسول الله a
مخالطة أصحابه ومشاركته في حياتهم الحلو منها والمر، وكان يربيهم خلال تلك
المشاركة بفعله قبل أن يربيهم بقوله.
وسنذكر هنا نموذجا عن موقفه كقائد وكقدوة يوم اجتمعت
الأحزاب حول المدينة المنورة تريد استئصال شأفة الإسلام، ففي ذلك الحين الذي ينعزل
فيه القادة للتخطيط والتدبير كان a كأبسط الجنود
يعمل عملهم ويجوع جوعهم ويصيبه ما يصيبهم.
عن البراء قال: لما كان يوم الأحزاب وخندق رسول الله a رأيته
ينقل من تراب الخندق حتى وارى التراب عنى جلدة بطنه، وكان كثير الشعر[2]. وفي
هذا دليل على الجهد العظيم الذي كان يبذله.
وكان a يشاركهم في
أراجيزهم التي ينشدونها ليخففوا بعض التعب الذي يصيبهم، عن أنس أن الأنصار
والمهاجرين كانوا يرتجزون وينقلون التراب على متونهم يقولون:
نحن الذين بايعوا محمداً على الإسلام ما بقينا أبداً