اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 107
فيقولون: يا فلان ما لك ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن
المنكر فيقول: بلى قد كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه)[1]
ونحب أن ننبه هنا إلى مسألة مهمة، وهي أن الربانية لا
تعني العصمة، وبالتالي، فإن تقصير من هو محل قدوة في بعض الطاعات أو وقوعه في بعض
المعاصي ليس ذريعة لتركه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وليس ذريعة لترك غيره
يقع فيما وقع فيه.
لأن الله تعالى
في الآية السابقة لم يوبخهم على الأمر بالبر، وإنما وبخهم على ترك العمل به، وقد قال
الحسن البصري لمطرف بن عبدالله: عظ أصحابك، فقال: إني أخاف أن أقول ما لا أفعل،
قال: يرحمك الله وأينا يفعل ما يقول، ويود الشيطان أنه قد ظفر بهذا، فلم يأمر أحد
بمعروف ولم ينه عن منكر.
وروى مالك عن سعيد بن جبير أنه كان يقول:(لو كان المرء
لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء، ما أمر أحد بمعروف ولا
نهى عن منكر)، وعلق عليه مالك بقوله:(وصدق، من ذا الذي ليس فيه شيء)
2 ـ التوازن
وهو ثمرة من ثمار التحقق بالوصف السابق، وفرع من فروعه،
لأن الرباني الذي يجعل غايته هي رضوان الله، ويجعل وسيلته هي تحقيق أوامره في أعلى
درجاتها لا بد أن يتحقق بالتوازن، فلا يميل به الغلو إلى أي جهة من الجهات.
وذلك لأن التوازن خاصية من خصائص هذا الدين الأساسية
سواء في العقيدة أو السلوك، فلذلك كان كل كل من اشتط أو وقع في الغلو منحرفا عن
الدين بحسب غلوه