اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 104
ويحتويها ليعجنها بما يرضي الله، ويبلغها كمالها
المستطاع.
وهكذا يكون المربي الناجح في تعامله مع النشء الموكل
به، فإنه إن عمل صالحا، واتصف بهذا الوصف فإن الله سيصلح ذريته سواء بالأسباب التي
يعرفها أو التي لا يعرفها، كما قال تعالى:﴿ وَمَنْ
يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ
قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً﴾ (الطلاق:2 ـ 3)
وقد ورد في النصوص ما يشير إلى حفظ الله للذرية بسبب
صلا ح آبائهم، كما قال تعالى في قصة موسى مع الخضر ـ عليهما السلام ـ:﴿ وَأَمَّا
الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ
كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا
أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ
عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً﴾ (الكهف:82)
فالله تعالى أرسل نبيا ووليا من أجل بناء جدار يحفظ كنز
غلامين، وعلل ذلك بكون أبيهما كان صالحا[1].
ويشير إلى هذا المعنى كذلك قوله تعالى:﴿
وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا
عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً﴾ (النساء:9)،
قال القرطبي:(ففيه ما يدل على أن الله تعالى يحفظ الصالح في نفسه وفي ولده وإن
بعدوا عنه، وقد روي أن الله تعالى يحفظ الصالح في سبعة من ذريته؛ وعلى هذا يدل
قوله تعالى:﴿إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ
يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ﴾ (لأعراف:196))
وقد روي عن بعضهم قال: كنا بالقسطنطينية أيام مسلمة بن
عبد الملك وفينا ابن