اسم الکتاب : حقوق الأولاد النفسية والصحية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 359
المقتفى غضب عليه وأمر بأن يؤخذ منه عشرة آلاف دينار. فدخل
عليه أهله محزونين وقالوا له: من أين لك عشرة آلاف دينار. فقال: ما يؤخذ مني
عشرة ولا خمسة ولا أربعة. قالوا من أين لك قال: إني ظلمت رجلاً فألزمته ثلاثة
آلاف فما يؤخذ مني أكثر منها. فلما أدى ثلاثة آلاف دينار وقع الخليفة بإطلاقه
ومسامحته في الباقي.
وذكر عن تأثير الذنوب في بعض الأكابر، فقال:(ما زلت أسمع عن
جماعة من الأكابر وأرباب المناصب إنهم يشربون الخمور ويفسقون ويظلمون ويفعلون
أشياء توجب الحدود فبقيت أتفكر أقول متى يثبت على مثل هؤلاء ما يوجب حداً ولو ثبت
فمن يقيمه. وأستبعد هذا في العادة لأنهم في مقام احترام لأجل مناصبهم. فبقيت
أتفكر في تعطيل الحد الواجب عليهم حتى رأيناهم قد نكبوا وأخذوا مرات ومرت عليهم
العجائب. فقوبل ظلمهم بأخذ أموالهم وأخذت منهم الحدود مضاعفة بعد الحبس الطويل والقيد
الثقيل والذل العظيم. وفيهم من قتل بعد ملاقاة كل شدة فعلمت أنه ما يهمل شيء
فالحذر الحذر فإن العقوبة بالمرصاد.)
قال ابن الجوزي معلقا على هذا:(وأنا أقول عن نفسي: ما نزلت بي
آفة أو غم أو ضيق صدر إلا بزلل أعرفه حتى يمكنني أن وربما تأولت فيه بعد فأرى العقوبة.
فينبغي للإنسان أن يترقب جزاء الذنوب فقل أن يسلم منه. وليجتهد في التوبة فقد
روي في الحديث ما من شيء أسرع لحاقاً بشيء من حسنة حديثة لذنب قديم. ومع التوبة
يكون خائفاً من المؤاخذة متوقعاً لها فإن لله تعالى قد تاب على الأنبياء عليهم
السلام. وفي حديث الشفاعة يقول آدم ذنبي ويقول إبراهيم وموسى ذنبي.
انطلاقا من هذا، فإن لخوف العقوبة العاجلة تأثيرها التربوي
العظيم في علاج هذه الظاهرة وغيرها من الظواهر، ولذلك قدم القرآن الكريم هذا
المصير أو هذه العقوبة على عقوبة الآخرة، فقال تعالى:﴿ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً
ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً
سَدِيداً﴾ (النساء:9)
اسم الکتاب : حقوق الأولاد النفسية والصحية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 359