اسم الکتاب : حقوق الأولاد النفسية والصحية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 347
مصرحا بأنسابهم:(وأُختَكَ وَأَخَاكَ، ثُم أَدنَاكَ فأدناكَ،
حَقٌّ وَاجِبٌ وَرَحِمٌ مَوصُولَةٌ)[1]، فحملوا الحق هنا على ترك قطيعته بوجهين[2]:
الوجه الأول: أن يقال: فأي قطيعة أعظم من أن يراه يتلظى جُوعاً
وعَطَشاً، ويتأذى غاية الأذى بالحر والبرد، ولا يُطعِمُهُ لُقمَةً، ولا يَسقِيهِ
جَرعة، ولا يكسوه ما يستر عَورَتَهُ ويقيهِ الحر والبردَ، ويُسكِنُهُ تحت سقف
يُظله، هذا وهو أخوه ابن أمه وأبـيه، أو عمه صِنو أبـيه، أو خالته التي هي أمه،
إنما يجب عليه من ذلك ما يجب بَذلُهُ للأجنبـي البعيد، بأن يعاوضه على ذلك في
الذمةِ إلى أن يُوسر، ثم يسترجع به عليه، هذا مع كونه في غاية اليَسَارِ
والجِدَةِ، وسَعَةِ الأموال. فإن لم تكن هٰذه قطيعة، فإنا لا ندري ما هي
القطيعة المحرمة، والصلَةُ التي أمر الله بها، وحرم الجنة على قاطعها.
الوجه الثاني: أن يقال: فما هذه الصلة الواجبة التي نادت عليها
النصوصُ، وبالغت في إيجابها، وذَمت قاطعها؟ فأيُّ قَدرٍ زائدٍ فيها على حق
الأجنبـي حتى تَعقِلَهُ القلوب، وتُخبِرَ به الألسنة، وتَعملَ به الجوارحُ؟ أهو
السلامُ عليه إذا لقيه، وعيادتُه إذا مرض، وتشميتُه إذا عطس، وإجابته إذا دعاهُ،
وإنكم لا تُوجبون شيئاً من ذلك إلا ما يجبُ نظيرُه للأجنبـي على الأجنبـي؟ وإن
كانت هذه الصلَةُ ترك ضربِه وسبه وأذاه والإزراءِ به، ونحو ذلك، فهذا حق يجبُ لكل
مسلم على كُل مسلم، بل للذمي البعيد على المسلم، فما خصوصيةُ صِلة الرحم الواجبة؟.
ثالثا ـ حق اليتيم
في الكفالة
لا يكفي اليتيم ما يسد به رمقه من النفقات، فقد يكون غنيا، ولا
يكفيه أن يمسح المسلمون على رأسه احتراما له وابتغاء للأجر، بل يحتاج فوق ذلك إلى
أسرة تكفله، وتعامله