اسم الکتاب : أحكام الطلاق والفسخ وآثارهما المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 597
وهي أهم الحيل، واشهرها، وأخطرها فهي تمنع الرجل من القدرة على الطلاق، بل
تسد عليه باب الطلاق بكل وجه، فلا يبقى له سبيل إليه، ولا يمكنه مخالعتها عند من
يجعل الخلع طلاقا، وهي نظير سد الإنسان على نفسه باب النكاح.
وصورة هذه الحيلة أن يقول: كلما طلقتك - أو كلما وقع عليك طلاقي - فأنت طالق
قبله ثلاثا، وقد زعم أصحاب هذه الحلية أنه لا يتصور وقوع الطلاق بعد ذلك ؛ لأنه لو
وقع لزم وقوع ما علق به وهو الثلاث، وإذا وقعت الثلاث امتنع وقوع هذا المنجز،
فوقوعه يفضي إلى عدم وقوعه، وما أفضى وجوده إلى عدم وجوده لم يوجد[1].
وأول من استنبط هذه الحيلة ـ كما يذكر ابن تيمية ـ هو أبو العباس بن سريج،
يقول ابن تيمية:(وما أدري هل استحدث ابن سريج هذه المسألة للاحتيال على دفع الطلاق
أم قاله طردا لقياس اعتقد صحته، واحتال بها من بعده، لكني رأيت مصنفا لبعض
المتأخرين بعد المائة الخامسة صنفه في هذه المسألة، ومقصوده بها الاحتيال على عدم
وقوع الطلاق، ولهذا صاغوها بقوله إذا وقع عليك طلاقي فأنت طالق قبله ثلاثا ؛ لأنه
لو قالوا إذا طلقتك فأنت طالق قبله ثلاثا لم تنفعه هذه الصيغة في الحيلة وإن كان
كلاهما في الدور سواء) [2]
وقد أنكر هذا القول أكثر الفقهاء، بل رأوه من الزلات التي يعلم بالاضطرار
كونها ليست من الإسلام فالطلاق أمر مشروع في كل نكاح، وأنه ما من نكاح إلا ويمكن
فيه الطلاق.