اسم الکتاب : أحكام الطلاق والفسخ وآثارهما المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 141
فيه تستأمري أبويك)، الحديث ومعلوم أنه
لم يرد الإستئمار في اختيار الدنيا وزينتها على الآخرة،فثبت أن الإستئمار إنما وقع
في الفرقة أو النكاح[1].
وبنوا على هذا الترجيح الأحكام الكثيرة
التي سنراها سواء فيما يتعلق بالتمليك أو بالتخيير، ونرى أن الخلاف في المسألة غير
صحيح، وأن كلا القولين يذكر ناحية من نواحي التخيير، فالنبي a خير نساءه بين أمرين: بين الحياة الدنيا
وزينتها مما أباح الله تعالى، وبين ما تقتضيه مسؤولية رسول الله a الرسالية من زهد وتضحية، وعقب عن كل
اختيار من ذينك الخيارين نتيجة تخصه، فنتيجة الخيار الأول الذي هو ابتغاء الحياة
الدنيا هي أن يسرحهن رسول الله a
سراحا جميلا، والسراح الجميل هو الطلاق الذي لا يحمل أي ضرر، ونتيجة الخيار الثاني
هي إمساكهن مع الأجر العظيم المعد لهن.
فهذا ما يفهم
من ظاهر الآية، فالتخيير بهذا ومثله التمليك، ليس طلاقا ولا صيغة من صيغ الطلاق
كما اختار أكثر الفقهاء، وإنما هو من باب حسن العشرة الزوجية، فالزوج إن كان كريم
الأصل، ورأى نفور زوجته منه جعل لها الحق في اختيار نفسها سواء بصيغة التمليك أو
صيغة التخيير من غير أن يلزمه ذلك شيئا، لأن الشرع جعل له الحق في حال نفور زوجه
منه من غير سبب يرجع إليه في أن تفتدي بمالها وتعوض عليه بعض الضرر الذي أصابه من
فراقها له.
فإذا تنازل بحسن وخلقه وخيرها يبقى أمر
الطلاق بيده في حال اختيارها مفارقته، وهو ما صرحت به الآية في قوله
تعالى:﴿ فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا
جَمِيلًا﴾(الأحزاب:28)، فلم يرتب الله تعالى الفراق بمجرد اختيارهن بل ربطه
بفعل رسول الله a وهو ما جعل للرجال من حق
الطلاق.