وقد ضرب الله تعالى مثل الذي يرحم رحمة مادية حسية بالإحسان المادي الحسي، ويغفل عن مراعة الجانب النفسي بهذا المثال البديع:( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)(البقرة:264)
ويضرب المثل الأعلى للرحمة، وهو هو الجمع بين الحسنيين: الإحسان النفسي والإحسان المادي، بهذا المثال الجامع قال تعالى :( وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)(البقرة:265)
بناء على هذا التحديد القرآني لمعنى الرحمة، بشقيها الحسي والمعنوي، سنتحدث في هذا المبحث عن الكيفية المثلى لتحقيق هذبن المطلبين اللذين تتطلبهما الرحمة الزوجية، سواء في تعامل الزوج مع زوجته أو الزوجة مع زوجها:
1 ـ المتطلبات المعنوية
ونقصد بها ما يحتاجه كلا الزوجين من تعامل نفسي مع الطرف الآخر، وهذه المباحث عادة لا يتكلم عليها في أبواب الفقه، لأن الفقه قصره المتأخرون على التكاليف العملية الظاهرة المنضبطة، أما التكاليف التي ورد الأمر بها بل التصريح بالأمر، فالكثير من الفقهاء إذا تحدثوا عنها حكموا لها بالاستحباب، وهذا وإن عذر بالتخصص إلا أن خطره كان عظيما على الأسرة المسلمة، بل الفقه الإسلامي جميعا، فالزوج الذي يستفتي عن التعامل مع زوجته فيجاب بأن المهر فرض، لكن المعاشرة بالمعروف مستحبة، وهو في نفسه يعتبر المستحب مباحا فحسبه أن يؤدي الفرائض، فكيف سيتعامل مثل هذا مع زوجته، وهل يصلح بمثل هذا القول المجتمع المسلم
اسم الکتاب : الحقوق المادية والمعنوية للزوجة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 396